{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [الأعراف: 200].
ومهما خفت من الشيطان لذاته فهو لوهن في خوفك من الله تعالى وفي إيمانك؛ لأن الله تعالى شجعك، وعرفك أن الخوف منه يدفع عنك الخوف من الشيطان لقوله تعالى: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175]؛ لأن الضمير يعود إلى الشيطان وأوليائه معًا، وهو أحسن من أن يعود إلى الأولياء فحسب.
وقال مجاهد رحمه الله تعالى: كنت ألقى من رزية (¬1) الغول والشياطين بلاء وأرى خيالًا، فسألت ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فقال: اجترئ على ما رأيت، ولا تفْرَقْ منه؛ فإنه يفرق منك كما تفرق منه، ولا تكن أجبن السوادين.
قال مجاهد: فرأيته، فشددت عليه بعصا حتى سمعت وقعته (¬2).
وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى رحمه الله تعالى: إذا أحس أحدكم بالشيطان فلينظر إلى الأرض، وليتعوذ - أي: بالله تعالى - منه (¬3). رواهما ابن أبي شيبة.
وروى الإمام عبد الله بن المبارك في كتاب "الزهد والرقائق"، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" عن وهب بن منبه رحمه الله تعالى قال: كان رجل عابد من السياح أراده الشيطان من قبل الشهوة والرغبة
¬__________
(¬1) في "المصنف": "رؤية" بدل "رزية".
(¬2) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (23602).
(¬3) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (23605).