لأن المداهنة والعجب كبيرتان، والأنبياء عليهم السلام معصومون.
وروى الإمامُ ابنُ الإمامِ عبدُ الله بن أحمد في "زوائد الزهد" عن سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى قال: لما أصاب أيوب الذي أصابه أرسل إلى أصحابه فقال: أتدرون لأي شيء أصابني هذا؟
قالوا: أما نحن فلم يظهر لنا منك شيء نعرفه إلا أن تكون أسررت شيئًا لم يكن لنا به علم.
فقاموا من عنده، فذهبوا فلقوا إنسانًا يتكلم في العلم، فقال: لأي شيء دعاكم نبي الله؟ فأخبروه، قال: فأنا أخبره بما أصابه هذا، فأتاه فسأله، فقال: إنك شربت شربة لم تحمد الله عليها، ولم تشكر النعمة، ولعلك استظللت في ظل ولم تشكر النعمة (¬1).
قلت: وفي هذا إشارة إلى أن شكر النعمة يحفظها من التغير والتحول، بل ينميها ويزكيها، والإعراض عن الشكر - ولو عن قليل النعم - تعرض لزوالها والابتلاء فيها.
وقلت في المعنى: [من السريع]
لا تَحْتَقِرْ أَصْغَرَ ما تُعْطَى ... فَتَتْرُكَ الشُّكْرَ عَلى الْمُعْطَى
مَنْ يَشْكُر اللهَ فَقَدْ قَيَّدَ ... النَّعْماءَ وَاسْتَوْثَقَها رَبْطا
هَلاَّ شَكَرْتَ اللهَ مَنْ يَقْبِضُ الـ ... أَرْزاقَ أَوْ يَبْسُطُها بَسْطا
¬__________
(¬1) انظر: "الزهد" (ص: 43).