شَيْطَانٌ، وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَاناَنِ، وَالثَّلاثَةُ رَكْبٌ" (¬1).
قال الخطابي: معناه - والله تعالى أعلم -: أن التفرد والذهاب وحده في الأرض من فعل الشيطان، أو هو شيء يحمله عليه الشيطان، فقيل على هذا: إن فاعله شيطان (¬2).
وذكر الحافظ زين الدين العراقي في هذا الحديث احتمالين:
الأول: أن يكون المراد أن الراكب وحده أو مع آخر يقرب الشيطان منه، فأطلق عليه اسم الشيطان لقربه منه.
والثاني: أن المراد تشبيهه بالشيطان؛ لأن عادة الشياطين الانفراد في الأماكن الخالية كالأودية والحشوش ونحو ذلك.
قلت: والثاني أقرب، ولهذا بعينه جاء النهي أن ينام الإنسان في بيت وحده.
* تَنْبِيْهٌ:
يكره سفر الاثنين وحدهما لهذا الحديث، وسفر الواحد وحده أشد كراهية، وإنما تزول الكراهة بالثالث لقوله - رضي الله عنه -: "وَالثَّلاثَةُ رَكْبٌ".
وإنما كره سفر الاثنين وحدهما لأنه يلزم منه الوحدة التي هي أصل الكراهة؛ فإن المسافر لا بد له من حال انبعاث لطلب ماء أو
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (2607)، والترمذي (1674) وصححه، والنسائي في "السنن الكبرى" (8849)، والحاكم في "المستدرك" (2495).
(¬2) انظر: "شرح السنة" للبغوي (11/ 22).