كتاب التقاسيم والأنواع (اسم الجزء: 6)

ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عِنْدَ وُقُوعِ الْفِتَنِ عَلَى الْمَرْءِ مَحَبَّةُ غَيْرِهِ مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ.
٤٨٢٧ - أَخبَرنا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: حَدثنا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو يُحَدِّثُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم فِي سَفَرٍ، فَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي مَجْشَرِهِ، وَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ، إِذْ نُودِيَ بِالصَّلَاةِ جَامِعَةً، فَاجْتَمَعْنَا، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم يَخْطُبُ يَقُولُ: "إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلِي نَبِيٌّ إِلَاّ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ شَرٌّ لَهُمْ،
وَإِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ جُعِلَتْ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ، فَتَجِيءُ فِتْنَةُ الْمُؤْمِنِ، فَيَقُولُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَجِيءُ، فَيَقُولُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَلْتُدْرِكْهُ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَلْيَأْتِي إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ، وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ".
قَالَ: قُلْتُ: هَذَا ابْنُ عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ، يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا، وَنُهْرِيقَ دِمَاءَنَا، وَقَالَ اللهُ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}، وَقَالَ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: ٢٩]، قَالَ: ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: أَطِعْهُ فِي طَاعَةِ اللهِ، وَاعْصِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ. [٥٩٦١]

الصفحة 33