كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 6/ 2)

يقال في تفسيره، وذلك ما يعنيه في كتابه "المجاز في غريب القرآن" كما قال: "والرحمن: مجازه: ذو الرحمة، والرحيم: مجازه: الراحم". ورأينا الشريف الرضىّ المتوفى سنة 406 هـ يطلق المجاز على اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، ويضيف إلى ذلك التشابيه التي ذكر فيها المشبّه والمشّبه به، وحذفت منها أداة التشبيه، وهذا كتابه "المجازات النبوية" يورد فيه التشابيه البليغة، نحو حديث: "المرء مرآة أخيه"، وحديث: "الناس معادن"، وصرح بأن التشابيه المصرح فيها بأداة التشبيه خارجة عن المجاز (¬1).
وتعرض ابن رشيق المتوفى سنة 463 هـ في كتاب "العمدة" لكلمة المجاز، فذكر لها معنى عاماً هو: "طريق القول ومأخذه"، وقال: "فصار التشبيه والاستعارة وغيرها من محاسن الكلام داخلة تحت اسم المجاز". ثم نبه ابن رشيق على أن هذه الكلمة نقلت بعدُ إلى معنى أخص، فقال: "إلا أنهم خصوا به - أعني: اسم المجاز - باباً بعينه، وذلك أن يسمى الشيء باسم ما قاربه، أو كان منه بسبب".
وأراد من قوله: "ما قاربه": الأمر الذي يكون بينه وبين أمر آخر مشابهة، ومن قوله: "أو ما كان منه بسبب": الأمر الذي يكون بينه وبين أمر آخر صلة غير المشابهة؛ كالسببية والمجاورة.
وهذا المعنى الخاص الذي صارت إليه كلمة المجاز، هو الذي جرت عليه كلمة المجاز، في عرف البيانيين؛ فإنهم إنما يطلقونه على اللفظ الذي ينقله المتكلم من معنى وضع له اللفظ، إلى معنى بينه وبين ذلك المعنى
¬__________
(¬1) انظر: (ص 169) من ذلك الكتاب.

الصفحة 6