كتاب قصر الأمل لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

301 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ لِسَلْمَانَ: أَلاَ نَبْنِي لَكَ مَسْكَنًا يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ؟، قَالَ: لِمَ؟ لِتَجْعَلَنِي مَلِكًا؟ أَوْ تَجْعَلَ لِي بَيْتًا مِثْلَ دَارِكَ الَّتِي بِالْمَدَائِنِ؟، قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ نَبْنِي لَكَ بَيْتًا مِنْ قَصَبٍ، وَسَقْفُهُ بِالْبَرْدِي، إِذَا قُمْتَ كَادَ أَنْ يُصِيبَ رَأْسَكَ، وَإِذَا نِمْتَ كَادَ أَنْ يَمَسَّ طَرَفَيْكَ، قَالَ: كَأَنَّكَ كُنْتَ فِي نَفْسِي.
302 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْمَكِّيُّ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُمَرِيُّ الزَّاهِدُ، فَاجْتَمَعْنَا إِلَيْهِ، وَأَتَاهُ وُجُوهُ أَهْلِ مَكَّةَ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى الْقُصُورِ الْمُحْدِقَةِ بِالْكَعْبَةِ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا أَصْحَابَ الْقُصُورِ الْمُشَيَّدَةِ، اذْكُرُوا ظُلْمَةَ الْقُبُورِ الْمُوحِشَةِ. يَا أَهْلَ التَّنَعُّمِ وَالتَّلَذُّذِ، اذْكُرُوا الدُّودَ وَالصَّدِيدَ وَبِلَى الأَجْسَامِ فِي التُّرَابِ. قَالَ: ثُمَّ غَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَقَامَ.
303 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِصْمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا رُسْتُمٌ أَبُو يَزِيدَ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ الْحَسَنِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، إِنِّي قَدْ بَنَيْتُ دَارًا، فَلَوْ جِئْتَ مَعِي فَنَظَرْتَ إِلَيْهَا، وَدَعَوْتَ لِي بِالْبَرَكَةِ. قَالَ: فَقَامَ الْحَسَنُ، وَقُمْنَا مَعَهُ. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى الدَّارِ، قَالَ: غَرَّكَ أَهْلُ الأَرْضِ، وَمَقَتَكَ أَهْلُ السَّمَاءِ، وَأَخْرَبْتَ دَارَكَ، وَبَنَيْتَ دَارَ غَيْرِكَ، قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ وَرَجَعْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى مَنْزِلِهِ، إِذَا جَانِبُ حَائِطِهِ مَائِلٌ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، لَوْ بَنَيْتَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَخِرَّ؟ فَقَالَ: هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ الأَمْرُ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ.

الصفحة 104