كتاب القناعة والتعفف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

82 - حدثنا الفضل بن يعقوب قال: حدثنا الفضل بن جميل قال: حدثنا فضيل بن عياض قال: قال لي سفيان: قال لي منصور، إن الرجل ليسقيني الشربة من الماء فيدق به ضلعا من أضلاعي.
83 - وحدثني عمر بن علي بن هارون قال: حدثني محمد بن نسير البصري، أنه قال هذه الأبيات:
لبوس ثوبين باليين ....... وطي يوم وليلتين
أهون من منه لقوم ........ أغض منها جفون عيني
إني وإن كنت ذا عيال ........ قليل مال كثير دين
لمستعرف برزق ربي ....... حوائجي بينه وبيني
84 - وأنشدني عمر بن عبد الله رحمه الله:
لنقل الصخر من قلل الجبال ......... أخف علي من منن الرجال
يقول الناس كسب فيه عارا ........ فقلت العار في ذل السؤال
85 - وأخبرني العباس بن هشام بن محمد، عن أبيه عن رجل من قريش قال: كان أبو خراش الهذلي من رجال قومه فخرج في سفر له فمر بامرأة من العرب ولم يصب قبل ذلك طعاما بثلاث أو أربع، فقال: يا ربة البيت هل عندكم من طعام؟ قالت: نعم، فجاءت بعمروس، وقالت: اذبحه، فذبحه ثم سلخه، ثم حنذه ثم أقبلت به إليه، فلما وجد ريح الشواء قرقر بطنه فقال: وإنك لتقرقر من رائحة الطعام، يا ربة البيت هل عندكم من صبر؟ قالت: نعم فما تصنع به؟ قال: شيء أجد في بطني، فأتته بصبر فملأ راحته ثم اقتحمه وأتبعه الماء، ثم قال: أنت أيضا فقرقر إذا وجدت رائحة الطعام ثم ارتحل ولم يأكل، فقالت: يا عبد الله هل رأيت قبيحا؟ قال: لا والله سوءا ثم أنشأ يقول:
وإني لأثوي الجوع حتى يملني ......... جناني ولم تدنس ثيابي ولا جرمي
وأصطبح الماء القراح وأكتفى ........... إذا الزاد أمسى للمزلج ذا طعم
أرد شجاع البطن قد تعلمينه ........ وأوثر غيري من عيالك لك بالأدم
مخافة أن أحيا برغم وذلة ......... وللموت خير من حياة على رغم

الصفحة 139