كتاب القناعة والتعفف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

95 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي حمزة، عن يحيى بن عقيل، عن ابن يعمر قال: قال علي رحمة الله عليه: إن الأمر ينزل من السماء كقطر المطر، لكل نفس ما كتب الله عز وجل لها من زيادة أو نقصان في نفس أو أهل أو مال، فمن رأى نقصا في أهله أو نفسه أو ماله، ورأى لغيره عثرة فلا يكونن ذلك له فتنة، فإن المسلم ما لم يعش دناءة يظهر تخشعا لها إذا ذكرت، ويغرى به لئام الناس كالياسر الفالج أول فوزه من قداحه، ويوجب له المغنم ويدفع عنه المغرم، فكذلك المرء المسلم البرىء من الخيانة بين إحدى الحسنيين، إما داعي الله عز وجل فما عند الله خير له، وإما أن يرزقه الله عز وجل مالا وإذا هو ذو أهل ومال ومعه حسبه ودينه، الحرث حرثان: فحرث الدنيا المال والبنون، وحرث الآخرة الباقيات الصالحات، وقد يجمعهم الله عز وجل لأقوام.
قال سفيان: ومن يحسن يتكلم بهذا الكلام إلا علي رحمة الله عليه؟!
96 - حدثني سويد بن سعيد قال: حدثنا علي بن مسهر، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: أخبرني عبد الملك بن مروان قال: كنت جالسا عند معاوية رحمه الله فأتى بطعامه فأخذ لقمة فرفعها إلى فيه ثم حدث نفسه فوضعها، ثم أخذها فرفعها إلى فيه ثم حدث نفسه فوضعها، فتناولتها فأكلتها، فطلبها فلم يجدها، فخطف الناس فيها عشية على المنبر فقال: أيها الناس اتقوا الله فإنه ما لامرىء منكم إلا ما كتب الله عز وجل، ووالله إن أحدكم ليرفع اللقمة إلى فيه مرة أو مرتين ثم تقضى لغيره.

الصفحة 143