كتاب القناعة والتعفف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

105 - حدثني إسحاق بن إسماعيل قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد قال: قال أبو الدرداء: ما لي أراكم تجتهدون فيما قد توكل لكم به، وتبطؤون عما أمرتم به.
106 - حدثنا سريج بن يونس قال: حدثنا إسماعيل ابن علية، عن يونس، عن الحسن قال: قال أبو الصهباء: طلبت الدنيا من مظانها حلالا فجعلت لا أصيب منها إلا قوتا، أما أنا فلا أعيل فيها، وأما هو فلا يجاوزني، فلما رأيت ذلك قلت: أي نفس جعل رزقك كفافا فاربعي، فربعت ولم تكد.
107 - حدثنا محمد بن علي بن الحسن قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن الأشعث قال: سمعت الفضيل يقول: قال أبو حازم المدني: وجدت الدنيا شيئين: فشيء منها هو لي فلن أعجله قبل أجله ولو طلبته بقوة السموات والأرض، وشيء منها هو لغيري فذلك ما لم أنله فيما مضى ولا أرجوه فيما بقي، يمنع الذي لي من غيري كما يمنع الذي لغيري مني، ففي أي هذين أفنى عمري؟! وجدت ما أعطيت من الدنيا شيئين: فشيء يأتي أجله قبل أجلي فأغلب عليه، وشيء يأتي أجلي قبل أجله فأموت وأخلفه لمن بعدي ففي أي هذين أعصي ربي.
108 - وحدثني الحسين بن عبد الرحمن، عن عصمة بن سليمان الخزاز قال: حدثنا جعفر بن أبي شعيب الكندي قال: كان رجل من أهل البصرة له جدة وعطايا ومعروف، فأصابه ريب الزمان فاجتاح ماله، فأراد أن يضرب في الأرض يبتغي من فضل الله عز وجل، فقالت بنية له في ذلك قولا حكاه عنها في شعر له فقال:
تقول ابنتي والسير جد جده ...... وقد حضرتني بغتة ورحيل
لعل المنايا في ارتحالك تنذري ...... بنفسك يوما او تغولك غول
فتتركني أدعى اليتيمة بعدما بين ......... وعزي يوم ذاك ذليل
أفي طلب الدنيا وربك الذي ........ تحاول منها والشخوص كفيل
أليس ضعيف القوم يأتيه رزقه ....... فيساق إليه والبلاد محول
ويحرم جمع المال من لم يزل ........ بكل البلاد رحلة وحلول
فلو كنت في طود على رأس هضبة ......... لها لجف فيه الوعول تقيل
مصدعة لا يستطاع ارتقاؤها ....... وليس إلى منها النزول سبيل
إذا لأتاك الرزق يحدوه سائق ....... حثيث ويهديه إليك دليل

الصفحة 146