كتاب القناعة والتعفف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

129 - حدثني عمر بن عبد الله، عن سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، حدثنا عمر بن حفص بن سعيد الكلاعي، أن رجلا أعور خرج يبتغي من فضل الله، فصحب رجلا في بعض الطريق فسأله عن مخرجه فأخبره خبره، فقال له الرجل: أنا والله أخرجني الذي أخرجك، فانطلق بنا إلى الله نلتمس من فضله، فخرجا في جبال لبنان يؤمان بيت المقدس، فأتيا على بعض المنازل فنزلا في قصر خرب، فانطلق أحدهما ليأتي بطعام فقال المتخلف منهما في الرحل: ألقيت نفسي وجعلت أنظر بناء ذلك القصر وهيئته وخرابه بعد العمارة، وجعلت والله أذكر سفري وتركي عيالي فإذا أنا بلوح من رخام تجاهي في قبلة حائط القصر فيه كتاب، فاستويت جالسا فإذا فيه:
لما رأيتك جالسا مستقبلي ....... أيقنت أنك للهموم قرين
فارقص بها وتعر من أثوابها ......... إن كان عندك بالقضاء يقين
فالهم سيماه مشيب شامل ......... ويكون مثوى الضر حيث يكون
هون عليك وكن بربك واثقا ........ فأخو التوكل شأنه التهوين
طرح الأذى عن نفسه في رزقه ...... لما تيقن أنه مضمون
فجعلت أقرأهن وأتدبرهن إذ جاء صاحبي فقلت: ألا أعجبك؟ قلت: بلى. قلت: انظر ما على هذا اللوح، فنظر ونظرت فلم نر لوحا ولا شيئا، فجعلت أطوف في القصر وأتتبع ما فيه فلم أر شيئا.

الصفحة 153