كتاب القناعة والتعفف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

130 - حدثني أبو محمد البزار، عن محمد بن عبد الله الحذاء قال: حدثني عبد الله بن أبي عبد الرحمن العمري قال: حضرنا أبي عند الموت فنظر إلينا فقال: كانت لي همة أن أبتغي لكم الدنيا، وما أحسن بكم إذا أحسنتم الظن بما لم يضمن أن تحسنوا الظن بما قد ضمن.
131 - حدثني محمد بن قدامة قال: لما احتضر بشر بن منصور قيل له: أوص بدينك. قال: أنا أرجو ربي لذنبي أفلا أرجوه لديني، فلما مات قضى عنه دينه بعض إخوانه.
132 - حدثنا أبو خيثمة، حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن سلام بن شرحبيل قال: سمعت حبة وسواء ابني خالد هكذا يقول وكيع يقولان: أتينا النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعمل عملا يبني بناء فأعناه، فلما فرغ دعا لنا وقال: لا تيأسا من الرزق ما تهززت رؤوسكما، فإن الإنسان تلده أمه وهو أحمر ليس عليه قشر ثم يعطيه الله ويرزقه.
133 - حدثنا محمد بن علي، أخبرنا إبراهيم بن الأشعث قال: سمعت فضيلا يقول: قال عيسى بن مريم عليه السلام: يا معشر الحواريين إن ابن آدم خلق في الدنيا في أربع منازل هو في ثلاث منهن بالله واثق حسن ظنه فيهن بربه، وهو في الرابع سيء ظنه بربه يخاف خذلان الله إياه، أما المنزلة الأولى: فإنه خلق في بطن أمه خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث: ظلمة الرحم وظلمة البطن وظلمة المشيمة، ينزل الله عليه رزقه في جوف ظلمة البطن فإذا خرج من البطن وقع في اللبن، لا يخطو إليه بقدم ولا يتناوله بيد ولا ينهض إليه بقوة ولا يأخذه بحرفة، يكره عليه إكراها ويؤجر إيجارا حتى ينبت عليه عظمه ولحمه ودمه، فإذا ارتفع عن اللبن وقع في المنزلة الثالثة في الطعام بين أبويه يكسبان عليه من حلال أو حرام، فإن مات أبواه عن غير شيء تركاه عطف عليه الناس هذا يطعمه وهذا يسقيه وهذا يؤويه، فإذا وقع في المنزلة الرابعة واشتد واستوى واجتمع وكان رجلا خشي أن لا يرزقه الله تعالى، فوثب على الناس يخون أماناتهم ويسرق أمتعتهم ويذبحهم على أموالهم مخافة خذلان الله إياه.

الصفحة 154