كتاب مجابو الدعوة لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

55 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سُوَيْدٍ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ، قَحَطُوا وَكَانَ فِيهَا رَجُلٌ صَالِحٌ لاَزِمٌ لِمَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَا هُمْ فِي دُعَائِهِمْ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ عَلَيْهِ طِمْرَانِ خَلِقَانِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَوْجَزَ فِيهِمَا، ثُمَّ بَسَطَ يَدَيْهِ إِلَى اللهِ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِلاَّ أَمْطَرْتَ عَلَيْنَا السَّاعَةَ فَلَمْ يَرُدَّ يَدَيْهِ، وَلَمْ يَقْطَعْ دُعَاءَهُ حَتَّى تَغَشَّتِ بِالْغَيْمِ، وَأُمْطِرُوا، حَتَّى صَاحَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مَخَافَةَ الْغَرَقِ فَقَالَ: يَا رَبِّ، إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ قَدِ اكْتَفَوْا فَارْفَعْ عَنْهُمْ، فَسَكَنَ وَتَبِعَ الرَّجُلَ صَاحِبَ الْمَطَرِ حَتَّى عَرَفَ موضعه، ثُمَّ بَكَّرَ عَلَيْهِ، فَنَادَى: يَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَخَرَجَ الرَّجُلُ، فَقَالَ: قَدْ أَتَيْتُكَ فِي حَاجَةٍ، قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: تَخُصُّنِي بِدَعْوَةٍ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، أَنْتَ أَنْتَ، وَتَسْأَلُنِي أَنْ أَخُصَّكَ بِدَعْوَةٍ؟ قَالَ: مَا الَّذِي بَلَّغَكَ مَا رَأَيْتُ؟ قَالَ: وَرَأَيْتَنِي؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: أَطَعْتُ اللَّهَ فِيمَا أَمَرَنِي وَنَهَانِي، فَسَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي.
56 - حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ صَخْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ زَيْدٍ قَالَ: خَرَجْتُ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِي فِي الْبَحْرِ، وَمَعِي غُلاَمٌ لِي لَهُ فَضْلٌ، فَمَاتَ الْغُلاَمُ فَدَفَنْتُهُ فِي جَزِيرَةٍ، فَنَبَذَتْهُ الأَرْضُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فِي ثَلاَثَةِ مَوَاضِعَ فَبَيْنَا نَحْنُ وَقُوفٌ نَتَفَكَّرُ مَا نَصْنَعُ لَهُ، إِذِ انْقَضَتِ النُّسُورُ وَالْعِقْبَانُ، فَمَزَّقُوهُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْبَصْرَةَ أَتَيْتُ أُمَّ الْغُلاَمِ، فَقُلْتُ لَهَا: مَا كَانَ حَالُ ابْنِكِ؟ قَالَتُ: خَيْرًا، كُنْتُ أَسْمَعْهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ احْشُرْنِي مِنْ حَوَاصِلِ الطَّيْرِ.
57 - حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْيَمَانِيُّ قَالَ: اسْتُودِعَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَدِيعَةً، فَاحْتَاجَ إِلَيْهَا فَأَنْفَقَهَا، فَجَاءَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ يَطْلُبُهَا، فَقَامَ وَتَوَضَّأَ فَصَلَّى، ثُمَّ دَعَا فَقَالَ: يَا سَادَّ الْهَوَاءِ بِالسَّمَاءِ، وَيَا كَابِسَ الأَرْضِ عَلَى الْمَاءِ، وَيَا وَاحِدُ قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ كان، أَدِ عْنِي أَمَانَتِي فَسَمِعَ قَائِلاً يَقُولُ: خُذْ هَذِهِ فَأَدِّهَا عَنْ أَمَانَتِكَ، وَاقْصِرْ فِي الْخُطْبَةِ فَإِنَّكَ لَنْ تَرَانِي.

الصفحة 258