كتاب محاسبة النفس لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

14 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ ذَكْوَانَ الْمُعَلِّمُ، عَنْ سَلاَمِ بْنِ مِسْكِينٍ، قَالَ: خَطَبَ الْحَجَّاجُ، أَوْ قَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ وَكُلُّكُمْ ذَلِكَ الرَّجُلُ ذُمُّوا أَنْفُسَكُمْ وَاخْطِمُوهَا وَخُذُوا بَأَزِمَّتِهَا إِلَى طَاعَةِ اللهِ وَكُفُّوهَا بِخَطْمِهَا عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ.
15 - حَدَّثَنِي يَحْيَى أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، حَدَّثَنَا سَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ، سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ، عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ وَكُلُّكُمْ ذَلِكَ الرَّجُلُ رَجُلٌ خَطَمَ نَفْسَهُ وَذَمَّهَا فَقَادَهَا بِخِطَامِهَا إِلَى طَاعَةِ اللهِ وَعَنَجَهَا بِزِمَامِهَا عَنْ مَعَاصِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
16 - حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الطَّالْقَانِيُّ مَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ إِلَى بَعْضِ عُمَّالِهِ فَكَانَ فِي آخِرِ كِتَابِهِ أَنْ حَاسِبْ نَفْسَكَ فِي الرَّخَاءِ قَبْلَ حِسَابِ الشِّدَّةِ، فَإِنَّهُ مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الرَّخَاءِ قَبْلَ حِسَابٍ فِي الشِّدَّةِ؛ عَادَ مَرْجِعُهُ إِلَى الرْضَا وَالْغِبْطَةِ، وَمَنْ أَلْهَتْهُ حَيَاتُهُ، وَشَغَلَتْهُ أَهْوَاؤُهُ عَادَ أَمْرُهُ إِلَى النَّدَامَةِ وَالْحَسْرَةِ فَتَذَكَّرْ مَا تُوعَظُ بِهِ لِكَيْمَا تُنْهَى عَمَّا يَنْهَى عَنْهُ وَتَكُونَ عِنْدَ التَّذْكِرَةِ وَالْمَوْعِظَةِ مِنْ أُولِي النُّهَى.
17 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: الْمُؤْمِنُ قَوَّامٌ عَلَى نَفْسِهِ يُحَاسِبُ نَفْسَهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنَّمَا خَفَّ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَوْمٍ حَاسَبُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا شَقَّ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَوْمٍ أَخَذُوا هَذَا الأَمْرَ مِنْ غَيْرِ مُحَاسَبَةٍ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَفْجَأَهُ الشَّيْءُ وَيُعْجِبُهُ، فَيَقُولُ وَاللَّهِ أَنِّي لَأَشْتَهِيكَ وَإِنَّكَ لَمِنْ حَاجَتِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ، مَا صِلَةٌ إِلَيْكَ هَيْهَاتَ، حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَيُفْرَطُ مِنْهُ الشَّيْءُ فَيَرْجِعُ إِلَى نَفْسِهِ فَيَقُولُ: هَيْهَاتَ مَا أَرَدْتُ إِلَى هَذَا وَمَا لِي وَلِهَذَا وَاللَّهِ مَا أُعْذَرُ بِهَذَا وَاللَّهِ لاَ أَعُودُ إِلَى هَذَا أَبَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمَالِي وَلِهَذَا، وَاللَّهِ مَا أُعْذَرُ بِهَذَا وَاللَّهِ لاَ أَعُودُ إِلَى هَذَا أَبَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ قَوْمٌ أَوْقَفَهُمُ الْقُرْآنُ وَحَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ هَلَكَتِهِمْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ أَسِيرٌ فِي الدُّنْيَا يَسْعَى فِي فِكَاكِ رَقَبَتِهِ لاَ يَأْمَنُ شَيْئًا حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ عَلَيْهِ فِي سَمْعِهِ، وَفِي بَصَرِهِ، وَفِي لِسَانِهِ، وَفِي جَوَارِحِهِ، مَأْخُوذٌ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.

الصفحة 286