كتاب محاسبة النفس لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

18 - حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: لَمَّا قَالَ يُوسُفُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} (يوسف) قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلاَ حِينَ هَمَمْتَ بِمَا هَمَمْتَ بِهِ، حِينَ حَلَلْتَ السَّرَاوِيلَ قَالَ {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} (يوسف).
19 - وَحَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ الأَنْصَارِيُّ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ حِينَ قُتِلَ دَعَا النَّاسُ: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ رَوَاحَةَ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ رَوَاحَةَ وَهُوَ فِي جَانِبِ الْعَسْكَرِ وَمَعَهُ ضِلَعٌ وَجَمَلٌ مُنْهَشَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ ذَاقَ طَعَامًا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلاَثٍ، فَرَمَى بِالضِّلَعِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَنْتَ مَعَ الدُّنْيَا ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَاتَلَ فَأُصِيبَ أُصْبُعُهُ فَارْتَجَزَ فَجَعَلَ يَقُولُ:
هَلْ أَنْتِ إِلاَّ أُصْبُعٌ دَمِيتِ
وَفِي سَبِيلِ اللهِ مَا لَقِيتِ.
يَا نَفْسُ، إِلاَّ تُقْتَلِي تَمُوتِي
هَذَا حِيَاضُ الْمَوْتِ قَدْ صَلِيتِ
وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ لَقِيتِ
إِنْ تَفْعَلِي؛ فِعْلَهَا هُدِيتِ
وَإِنْ تَأَخَّرْتِي؛ فَقَدْ شَقِيتِي.
ثُمَّ قَالَ: يَا نَفْسُ، إِلَى أَيِّ شَيْءٍ تَتَشَوَّفِينَ إِلَى فُلاَنَةَ، فَهِيَ طَالِقٌ ثَلاَثًا وَإِلَى فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ - غِلْمَانٍ لَهُ - وَإِلَى مَعْجَفٍ - حَائِطٍ لَهُ - فَهُوَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ:
يَا نَفْسُ، مَا لَكِ تَكْرَهِينَ الْجَنَّهْ
أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَتَنْزِلِنَّهْ
طَائِعَةً أَوْ لَتُكْرَهِنَّهْ
فَطَالَمَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّهْ
هَلْ أَنْتِ إِلاَّ نُطْفَةٌ فِي شَنَّهْ
قَدْ أَجْلَبَ النَّاسُ وَشَدْوُ الرَّنَّهْ.

الصفحة 287