كتاب محاسبة النفس لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

21 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ نُسَيْرِ بْنِ ذُعْلُوقٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ قَيْسٍ أَبُو أُمَيَّةَ الْغِفَارِيُّ، قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ لَنَا، فَحَضَرَ عَدُوُّهُمْ، فَصِيحَ فِي النَّاسِ، فَهُمْ يَثُوبُونَ إِلَى مَصَافِّهِمْ، وَفِي يَوْمٍ شَدِيدِ الرِّيحِ، إِذَا رَجُلٌ أَمَامِي، رَأْسُ فَرَسِي عِنْدَ عَجُزِ فَرَسِهِ، وَهُوَ يُخَاطِبُ نَفْسَهُ، فَيَقُولُ: أَيْ نَفْسِي، أَلَمْ أَشْهَدْ مَشْهَدَ كَذَا وَكَذَا؟ فَقُلْتِ لِي: أَهْلُكَ وَعِيَالُكَ، وَأَطَعْتُكِ فَرَجَعْتُ، أَلَمْ أَشْهَدْ مَشْهَدَ كَذَا وَكَذَا؟، فَقُلْتِ لِي: أَهْلُكَ وَعِيَالُكَ، فَأَطَعْتُكِ، فَرَجَعْتُ، وَاللَّهِ، لَأَعْرِضَنَّكِ الْيَوْمَ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَخَذَكِ أَوْ تَرَكَكِ، فَقُلْتُ: لَأَرْمُقَنَّهُ الْيَوْمَ فَرَمَقْتُهُ فَحَمَلَ النَّاسُ عَلَى عَدُوِّهِمْ فَكَانَ فِي أَوَائِلِهِمْ، ثُمَّ إِنَّ الْعَدُوَّ حَمَلَ عَلَى النَّاسِ فَانْكَشَفُوا وَكَانِ فِي حُمَاتِهِمْ، ثُمَّ حَمَلُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَكَانَ فِي أَوَائِلِهِمْ، ثُمَّ حَمَلَ الْعَدُوُّ وَانْكَشَفَ النَّاسُ فَكَانَ فِي حُمَاتِهِمْ، قَالَ: فَوَاللَّهِ، مَازَالَ ذَلِكَ دَأْبَهُ حَتَّى رَأَيْتُهُ صَرِيعًا فَعَدَدْتُ بِهِ وِبَدَابَّتِهِ سِتِّينَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ طَعْنَةً.

الصفحة 289