كتاب محاسبة النفس لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

87 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا هَارُونُ الْبَرْبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: الإِيمَانُ قَائِدٌ وَالْعَمَلُ سَائِقٌ وَالنَّفْسُ حَرُونٌ فَإِذَا وَنِيَ قَائِدُهَا لَمْ تَسْتَقِمْ لِسَائِقِهَا وَإِذَا وَنِيَ سَائِقُهَا لَمْ تَسْتَقِمْ لِقَائِدَهَا فَلاَ يَصْلُحُ هَذَا إِلاَّ مَعَ هَذَا حَتَّى يَقُومَ عَلَى الْخَيْرِ الإِيمَانُ بِاللَّهِ مَعَ الْعَمَلِ لِلَّهِ، وَالْعَمَلُ لِلَّهِ مَعَ الإِيمَانِ بِاللَّهِ.
بَابُ الْحَذَرِ عَلَى النَّفْسِ مَخَافَةَ سُوءِ الْمُنْقَلَبِ وَالْمَقْتِ.
88 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَبْكِي فَتَقُولُ لَهُ أَهْلُهُ: لَوْ قَتَلْتَ قَتِيلاً ثُمَّ جِئْتَ لأَهْلِهِ تَبْكِي لَعَفَوْا عَنْكَ فَيَقُولُ: إِنَّمَا قَتَلْتُ نَفْسِي.
89 - أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ زُفَرٍ، حَدَّثَنِي بَهِيمٌ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: رَكِبَ مَعَنَا شَابٌّ مِنْ بَنِي مُرَّةَ الْبَحْرَ مِنْ أَهْلِ الْبَدْوِ فَجَعَلَ يَبْكِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ فَعَاتَبَهُ أَهْلُ الْمَرْكَبِ عَلَى ذَلِكَ وَقَالُوا: ارْفُقْ بِنَفْسِكَ قَلِيلاً قَالَ: إِنَّ أَقَلَّ مَا يَنْبَغِي لِي أَنْ يَكُونَ لِنَفْسِي عِنْدِي أَنْ أَبْكِيَهَا وَأَبْكِيَ عَلَيْهَا أَيَّامَ الدُّنْيَا لِعَمَلِي بِمَا يَمُرُّ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ غَدًا قَالَ: فَمَا بَقِيَ فِي الْمَرْكَبِ أَحَدٌ إِلاَّ بَكَى.
90 - حُدِّثْتُ عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَدَنِيِّ، حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَامَرْدَ الأَزْرَقَ الْعَدَنِيَّ وَكَانَ عَابِدًا يَقُولُ:
وَيْلِي وَوَيْحِي مِنْ تَتَابُعِ جُرْمِي ... لَوْ قَدْ دَعَانِي لِلْحِسَابِ حَسِيبُ
وَالْوَيْلُ لِي وَيْلٌ أَلِيمٌ دَائِمٌ ... إِنْ كُنْتُ فِي الدُّنْيَا أَخَذْتُ نَصِيبِي.
قَالَ: وَزَادَ فِيهِ غَيْرُهُ:
وَاسْتَيْقِظِي يَا نَفْسُ وَيْحَكِ وَاحْذَرِي ... حَذَرًا يُهَيِّجُ عَبْرَتِي وَنَحِيبِي.

الصفحة 304