كتاب محاسبة النفس لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

137 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الأُرْدُنِّيُّ، قَالَ: دَخَلَ عَلَى زَنْجُلَةَ الْعَابِدَةِ نَفَرٌ مِنَ الْقُرَّاءِ فَكَلَّموُهَا فِي الرِّفْقِ بِنَفْسِهَا فَقَالَتْ: مَا لِي وَللِرِّفْقِ بِهَا إِنَّمَا هِيَ أَيَّامُ مُبَادَرَةٍ فَمَنْ فَاتَهُ الْيَوْمَ شَيْءٌ لَمْ يُدْرِكْهُ غَدًا وَاللَّهِ يَا إِخْوَتَاهْ لَأُصَلِّيَنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا أَقَلَّتْنِي جَوَارِحِي وَلَأَصُومَنَّ لَهُ أَيَّامَ حَيَاتِي وَلَأَبْكِيَنَّ لَهُ مَا حَمَلَتِ الْمَاءَ عَيْنِي ثُمَّ قَالَتْ: أَيُّكُمْ يَأْمُرُ عَبْدَهُ بِأَمْرٍ فَيُحَبُّ أَنْ يُقَصِّرَ فِيهِ؟.
138 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي سَجَقُ بْنُ مَنْظُورٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنِي سَرَّارُ أَبُو عُبَيْدَةَ، قَالَ: قَالَتْ لِيَ امْرَأَةُ عَطَاءٍ السَّلِيمِيِّ: عَاتِبْ عَطَاءً فِي كَثْرَةِ الْبُكَاءِ فَعَاتَبْتُهُ فَقَالَ لِي: يَا سَرَّارُ، كَيْفَ تُعَاتِبُنِي فِي شَيْءٍ لَيْسَ هُوَ إِلَيَّ، إِنِّي إِذَا ذَكَرْتُ أَهْلَ النَّارِ وَمَا يَنْزِلُ بِهِمْ مِنْ عَذَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعِقَابِهِ تَمَثَّلَتْ لِي نَفْسِي ثَمَّ، فَكَيْفَ لِنَفْسٍ تُغَلُّ يَدُهَا إِلَى عُنُقِهَا وَتُسْحَبُ فِي النَّارِ أَنْ لاَ تَصِيحَ وَتَبْكِيَ؟ وَكَيْفَ لِنَفْسٍ تُعَذَّبُ أَنْ لاَ تَبْكِيَ؟ وَيْحَكَ يَا سَرَّارُ مَا أَقَلَّ غَنَاءَ الْبُكَاءِ عَنْ أَهْلِهِ إِنْ لَمْ يَرْحَمْهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
139 - حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ، قَالَ: وَصَفْتُ لِأُخْتِي عَبْدَةَ قَنْطَرَةً مِنْ قَنَاطِرِ جَهَنَّمَ فَأَقَامَتْ لَيْلَةً وَيَوْمًا فِي صَيْحَةٍ وَاحِدَةٍ مَا تَسْكُتُ ثُمَّ انْقَطَعَ عَنْهَا بَعْدُ فَكُلَّمَا ذَكَرْتُ لَهَا صَاحَتْ صَيْحَةً وَاحِدَةً ثُمَّ سَكَتَتْ قُلْتُ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ صِيَاحُهَا؟ قَالَ: مَثَّلَتْ نَفْسَهَا عَلَى الْقَنْطَرَةِ وَهِيَ بِكِفَانِهَا.
140 - حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ غَنَّامِ بْنِ عَلِيٍّ، حَدَّثَنِي عُمَرُ أَبُو حَفْصٍ الْجَزَرِيُّ، قَالَ: كَتَبَ أَبُو الأَبْيَضِ وَكَانَ عَابِدًا إِلَى بَعْضِ إِخْوَانِهِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ لَمْ تُكَلَّفْ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ نَفْسًا وَاحِدَةً فَإِنْ أَنْتَ أَصْلَحْتَهَا لَمْ يَضُرَّكَ فَسَادُ مَنْ فَسَدَ بِصَلاَحِهَا وَإِنْ أَنْتَ أَفْسَدْتَهَا لَمْ يَنْفَعْكَ صَلاَحُ مَنْ صَلَحَ بِفَسَادِهَا وَاعْلَمْ أَنَّكَ لاَ تَسْلَمُ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى لاَ تُبَالِيَ مِنْ أُكُلِهَا مِنْ أَحْمَرَ أَوْ أَسْوَدَ.

الصفحة 317