كتاب المحتضرين لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

22 - حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ الرِّيَاحِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُرَجَّى بْنُ وَدَاعٍ قَالَ: كَانَ فَتًى بِهِ رَهَقٌ، فَاحْتُضِرَ، فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: أَيْ بُنَيَّ، تُوصِي بِشَيْءٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، خَاتَمِي، لاَ تَسْلِبِينِيهِ؛ فَإِنَّ فِيهِ ذِكْرَ اللهِ تَعَالَى، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَرْحَمَنِي، فَرُئِيَ فِي النَّوْمِ، قَالَ: أَخْبِرُوا أُمِّي أَنَّ الْكَلِمَةَ قَدْ نَفَعَتْنِي، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لِي.
23 - حَدَّثَنِي الْمُفَضَّلُ بْنُ غَسَّانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: احْتُضِرَ النَّضْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَازِمٍ، فَقِيلَ لَهُ: أَبْشِرْ, فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أُبَالِي، أَمُتُّ، أَمْ ذُهِبَ بِي إِلَى الأُبُلَّةِ، وَاللَّهِ مَا أَخْرُجُ مِنْ سُلْطَانِ رَبِّي إِلَى غَيْرِهِ، وَمَا نَقَلَنِي رَبِّي مِنْ حَالٍ قَطُّ إِلَى حَالٍ إِلاَّ كَانَ مَا نَقَلَنِي إِلَيْهِ خَيْرًا لِي مِمَّا نَقَلَنِي عَنْهُ.
24 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ جَهُورٍ، عَنْ إِدْرِيسَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمَرْوَزِيِّ قَالَ: مَرِضَ أَعْرَابِيٌّ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ تَمُوتُ, قَالَ: إِلَى أَيْنَ يُذْهَبُ بِي؟ قَالَ: إِلَى اللهِ, قَالَ: فَمَا كَرَاهَتِي أَنْ أَذْهَبَ إِلَى مَنْ لاَ أَرَى الْخَيْرَ إِلاَّ مِنْهُ؟.
25 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ غَزْوَانَ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: أرَدْتُ غَزَاةً لِي، وَكَانَ لِيَ ابْنُ أَخٍ مُرَهَّقٌ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُخَلِّفَهُ، فَغَزَوْتُ لَهُ مَعِي، فَلَمَّا قَفَلْنَا مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا، قَالَ: فَدَخَلْتُ بَعْضَ تِلْكَ الصَّوَامِعِ، فَقُمْتُ أُصَلِّي، فَانْشَقَّتِ الصَّوْمَعَةُ، فَدَخَلَ مَلَكَانِ أَبْيَضَانِ وَمَلَكَانِ أَسْوَدَانِ، فَقَعَدَ الأَبْيَضَانِ عَنْ يَمِينِهِ، وَقَعَدَ الأَسْوَدَانِ عَنْ يَسَارِهِ، فَلَمَسَهُ الأَبْيَضَانِ بِأَيْدِيهِمَا، فَقَالَ الأَسْوَدَانِ: نَحْنُ أَحَقُّ بِهِ، وَقَالَ الأَبْيَضَانِ: كَلاَّ، فَأَخَذَ أَحَدُ الأَبْيَضَيْنِ أُصْبَعَيْهِ فَأَدْخَلَهُمَا فِي فِيهِ فَقَلَبَ لِسَانَهُ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، نَحْنُ أَحَقُّ بِهِ، قُومَا، كَبَّرَ تَكْبِيرَةً يَوْمَ فَتْحِ أَنْطَاكِيَةَ, فَخَرَجَ شَهْرٌ فَنَادَى: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْضُرَ جَنَازَةَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَحْضُرْ جَنَازَةَ ابْنِ أَخِي، فَقَالَ النَّاسُ: جُنَّ شَهْرٌ، بِالأَمْسِ يَقُولُ مَا يَقُولُ، وَالْيَوْمَ يَقُولُ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الأَمِيرَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الأَمِيرُ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا رَآهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ وَالنَّاسُ.

الصفحة 330