كتاب المحتضرين لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

66 - وَحَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ مُعَاوِيَةُ قَالَ: يَا بُنَيَّ، إِنِّي كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّفَا، وَإِنِّي دَعَوْتُ بِمِشْقَصٍ، فَأَخَذْتُ مِنْ شَعَرِهِ، وَهُوَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا أَنَا مُتُّ فَخُذُوا ذَلِكَ الشَّعَرَ فَاحْشُوا بِهِ فَمِي وَمَنْخَرَيَّ.
- فَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَنْ شَيْخٍ، مِنْ قُرَيْشٍ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا قَالَ ذَلِكَ تَمَثَّلَتِ ابْنَتُهُ:
إِذَا مُتَّ مَاتَ الْجُودُ وَانْقَطَعَ النَّدَى ... مِنَ النَّاسِ إِلاَّ مِنْ قَلِيلٍ مُصَرَّدِ
وَرُدَّتْ أَكُفُّ السَّائِلِينَ وَأَمْسَكُوا ... مِنَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا بِخِلْفٍ مُجَدَّدِ
كَلاَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، يَدْفَعُ اللَّهُ عَنْكَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ مُتَمَثِّلاً:
وَإِذَا الْمَنِيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظْفَارَهَا ... أَلْفَيْتَ كُلَّ تَمِيمَةٍ لاَ تَنْفَعُ
ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ, ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ لِمَنْ حَضَرَهُ مِنْ أَهْلِهِ: اتَّقُوا اللَّهَ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقِي مَنِ اتَّقَاهُ، وَلاَ تُقَى لِمَنْ لاَ يَتَّقِي اللَّهَ، ثُمَّ قَضَى.
67 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْيَقْظَانِ قَالَ: حَدَّثَنِي جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ مُعَاوِيَةَ الْوَفَاةُ احْتَوَشَتْهُ بَنَاتُهُ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ، فَسَقَطَتْ يَدُهُ فِي حِجْرِ رَمْلَةَ ابْنَتِهِ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَتْ رَمْلَةُ: أَنَا يَا أَبَتَاهُ, قَالَ: حَوِّلِي أَبَاكِ، فَإِنَّكِ تُحَوِّلِينَهُ حُوَّلاً قُلَّبًا, ثُمَّ قَالَ:
لاَ يَبْعَدَنَّ رَبِيعَةُ بْنُ مُكَدَّمٍ ... وَسَقَى الْغَوَادِي قَبْرَهُ بِذَنُوبِ
فَكَانَتْ آخِرَ كَلاَمِهِ.

الصفحة 342