كتاب المحتضرين لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

79 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزَّبْرِ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيَّ يُحَدِّثُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ بِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ أَمْرٌ، فَفَتَحَ بَابَ قَصْرِهِ، فَإِذَّا بِقَصَّارٍ يَضْرِبُ بِثَوْبٍ لَهُ عَلَى حُجْرٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: قَصَّارٌ, قَالَ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ قَصَّارًا, قَالَهَا مَرَّتَيْنِ, فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَهُمْ يَفْزَعُونَ وَيَفِرُّونَ إِلَيْنَا وَلاَ نَفِرُّ إِلَيْهِمْ.
80 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنِ ابْنِ سَابِطٍ الْجُمَحِيِّ: أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ قِنَّسْرِينَ وَهُوَ قَافِلٌ، فَأَشَارَ لِي إِنْسَانٌ إِلَى قَبْرِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ، فَمَرَّ عَبَّادِيٌّ فَقَالَ: لِمَ وَقَفْتَ هَا هُنَا؟ قُلْتُ: أَنْظُرُ إِلَى قَبْرِ هَذَا الرَّجُلِ، الَّذِي قَدِمَ عَلَيْنَا مَكَّةَ فِي سُلْطَانٍ وَأَمْرٍ، ثُمَّ عَجِبْتُ إِلَى مَا رُدَّ إِلَيْهِ, فَقَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكَ خبره لَعَلَّكَ تُرْهَبُ؟ قُلْتُ: مَا خَبَرُهُ؟ قَالَ: هَذَا مَلِكُ الأَرْضِ بَعَثَ إِلَيْهِ مَلِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، فَأَخَذَ رُوحَهُ، فَجَاءَ بِهِ أَهْلُهُ فَجَعَلُوهُ هَا هُنَا، حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ مَسَاكِينَ أَهْلِ دِمَشْقَ.
81 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ زِيَادٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخُزَاعِيُّ، عَنِ ابْنِ عَامِرٍ الْهُذَلِيِّ قَالَ: دَخَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ قَالَ: أَجْلِسُونِي، فَأُجْلِسَ، فَقَالَ مُتَمَثِّلاً:
وَتَجَلُّدِي لِلشَّامِتِينَ أُرِيهِمُ ... أَنِّي لِرَيْبِ الدَّهْرِ لاَ أَتَضَعْضَعُ
فَقَالَ سُلَيْمَانُ:
وَإِذَا الْمَنِيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظْفَارَهَا ... أَلْفَيْتَ كُلَّ تَمِيمَةٍ لاَ تَنْفَعُ.

الصفحة 346