كتاب المحتضرين لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

87 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحيَى بْنُ السَّكَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا أيوب بنُ مُحَمَّدٍ الْعِجْلِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَوْتُ بَكَى، فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ أَبْشِرْ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحْيَا بِكَ سُنَنًا، وَأَظْهَرَ بِكَ عَدْلاً, فَبَكَى ثُمَّ قَالَ: أَلَيْسَ أُوقَفُ فَأُسْأَلُ عَنْ أَمْرِ هَذَا الْخَلْقِ؟ فَوَاللَّهِ لَوْ رَأَيْتُ أَنِّي عَدَلْتُ فِيهِمْ لخِفْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ لاَ تَقُومَ بِحُجَّتِهَا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ إِلاَّ أَنْ يُلَقِّنَهَا حُجَّتَهَا، فَكَيْفَ بِكَثِيرٍ مِمَّا صَنَعْنَا؟ قَالَ: ثُمَّ فَاضَتْ عَيْنَاهُ, فَلَمْ يَلْبَثْ إِلاَّ يَسِيرًا بَعْدَهَا حَتَّى مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
88 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ بَهْرَامَ قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ عَرَبِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنِي لَيْثُ بْنُ أَبِي رُقَيَّةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: لَمَّا كَانَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَالَ: أَجْلِسُونِي, فَأَجْلَسُوهُ، فَقَالَ: أَنَا الَّذِي أَمَرْتَنِي فَقَصَّرْتُ، وَنَهَيْتَنِي فَعَصَيْتُ, ثَلاَثَ مَرَّاتٍ, وَلَكِنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ, ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَأَحَدَّ النَّظَرَ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ لَتَنْظُرُ إِلَيَّ نَظَرًا شَدِيدًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: إِنِّي لأَرَى حَضَرَةً، مَا هُمْ إِنْسٌ وَلاَ جِنٌّ ثُمَّ قُبِضَ.
89 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ أَبُو إِسْحَاقَ الآدَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا حِرَاشُ بْنُ مَالِكٍ الْجُهَنِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ كُنَّا عِنْدَهُ فِي قُبَّةٍ، فَأَوْمَأَ إِلَيْنَا أَنِ اخْرُجُوا, فَخَرَجْنَا، فَقَعَدْنَا حَوْلَ الْقُبَّةِ، وَبَقِيَ عِنْدَهُ وَصِيفٌ، فَسَمِعْنَاهُ يَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} مَا أَنْتُمْ بِإِنْسٍ وَلاَ جَانٍّ, ثُمَّ خَرَجَ الْوَصِيفُ، فَأَوْمَأَ إِلَيْنَا أَنِ ادْخَلُوا, فَدَخَلْنَا، فَإِذَا هُوَ قَدْ قُبِضَ.

الصفحة 349