كتاب المحتضرين لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

121 - وَحَدَّثَنِي أَبُو زَيْدٍ النُّمَيْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ زِيَادًا الْوَفَاةُ قَالَ لَهُ ابْنُهُ: يَا أَبَهْ، قَدْ هَيَّأْتُ لَكَ سِتِّينَ ثَوْبًا أُكَفِنُكَ فِيهَا قَالَ: يَا بُنَيَّ، قَدْ دَنَا مِنْ أَبِيكَ لِبَاسٌ خَيْرٌ مِنْ هَذَا.
122 - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ السَّلاَمِ بْنِ مُطَهَّرٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ أَبِي كَعْبٍ الْجُرْمُوزِيِّ: أَنَّ زِيَادًا لَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ أَمِيرًا قَالَ: أَيُّ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَعْبَدُ؟ قِيلَ: فُلاَنٌ الْحِمْيَرِيُّ, فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَإِذَا سَمْتٌ وَنَحْوٌ, فَقَالَ زِيَادٌ: لَوْ مَالَ هَذَا مَالَ أَهْلُ الْكُوفَةِ مَعَهُ, قَالَ: إِنِّي بَعَثْتُ إِلَيْكَ لِخَيْرٍ, فَقَالَ: إِنِّي إِلَى الْخَيْرِ لَفَقِيرٌ, قَالَ: بَعَثْتُ إِلَيْكَ لأمَوِّلَكَ وَأُعْطِيَكَ عَلَى أَنْ تَلْزَمَ بَيْتَكَ فَلاَ تَخْرُجَ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ لَصَلاَةٌ وَاحِدَةٌ فِي جَمَاعَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا كُلِّهَا، وَلَزِيَارَةُ أَخٍ وَعِيَادَتُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا كُلِّهَا, فَلَيْسَ إِلَى ذَا سَبِيلٌ, قَالَ: فَاخْرُجْ فَصَلِّ فِي جَمَاعَةٍ، وَزُرْ إِخْوَانَكَ، وَعُدِ الْمَرَيضَ، وَالْزَمْ لِسَانَكَ, قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ أَرَى مَعْرُوفًا لاَ أَقُولُ فِيهِ؟ أَرَى مُنْكَرًا لاَ أَنْهَى عَنْهُ؟ فَوَاللَّهِ لَمَقَامٌ مِنْ ذَلِكَ وَاحِدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا كُلِّهَا, قَالَ: يَا أَبَا فُلاَنٍ, قَالَ جَعْفَرٌ: أَظُنُّ الرَّجُلَ أَبَا الْمُغِيرَةِ فَهُوَ السَّيْفُ قَالَ: السَّيْفُ؟ قَالَ: السَّيْفُ قَالَ: فَأَمَرَ بِهِ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ,
فَقِيلَ لِزِيَادٍ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ: أَبْشِرْ, قَالَ: كَيْفَ وَأَبُو الْمُغِيرَةِ بِالطَّرِيقِ؟.
بَابُ تَعْزِيَةِ النَّفْسِ عِنْدَ الاِحْتِضَارِ بِالصَّبْرِ وَالاَحْتِسَابِ
123 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ, وَكَانَ عِنْدَهُمْ فِي الْعِزِّ كَأَنْفُسِهِمْ, فَجَعَلَ أَبُو مُسْلِمٍ يُكَبِّرُ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: أَجَلْ هَكَذَا فَقُولُوا، فَإِنَّ اللَّهَ إِذَا قَضَى قَضَاءً أَحَبَّ أَنْ يُرْضَى.
124 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ قَالَ: حَدَّثتْنِي أُمُّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ: أُغْمِيَ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَبِلاَلٌ ابْنُهُ عِنْدَهُ، فَقَالَ: اخْرُجْ عَنِّي, ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِمِثْلِ مَضْجَعِي هَذَا؟ مَنْ يَعْمَلُ لِمِثْلِ سَاعَتِي هَذِهِ؟ {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} ثُمَّ يُغْمَى عَلَيْهِ، ثُمَّ يُفِيقُ فَيَقُولُهَا، حَتَّى قُبِضَ.

الصفحة 357