كتاب المحتضرين لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

183 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَلاَءُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الصَّمَدِ الْعَمِّيِّ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ فِي مَرَضِهِ يَقُولُ، وَهُوَ مِنْ آخِرِ كَلاَمٍ سَمِعْتُهُ يَتَكَلَّمُ بِهِ: مَا أَقْرَبَ النَّعِيمَ مِنَ الْبُؤْسِ يَعْقُبَانِ، وَيُوشِكَانِ زَوَالاً.
184 - قَالَ أَحْمَدُ: وَحَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي قَطَنٍ، عَنْ حَزْمٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ، قَالَ: أَظُنُّهُ كَانَ بِهِ بَطْنٌ، فَقَالُوا: نَضَعُ لَهُ قَلِيَّةً، فَقَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أُرِيدُ الْبَقَاءَ فِي الدُّنْيَا لِبَطْنِي وَلاَ لِفَرْجِي.
185 - قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عِيسَى قَالَ: دَخَلُوا عَلَى مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ، فَجَعَلَ يَقُولُ: لِمِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ كَانَ دُؤُوبُ أَبِي يَحْيَى.
186 - وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي رَزِينٍ قَالَ: ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ عِنْدَ الْمَوْتِ: لَوْلاَ أَنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ بِدْعَةً لأَمَرْتُكُمْ إِذَا أَنَا مُتُّ فَشُدَّتْ يَدَيَّ بِشَرِيطٍ، فَإِذَا أَنَا قَدِمْتُ عَلَى اللهِ فَسَأَلَنِي, وَهُوَ أَعْلَمُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قُلْتُ: يَا رَبِّ لَمْ أُرْضِ لَكَ نَفْسِي قَطُّ.
187 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: رَأَيْتُ حَسَّانَ بْنَ أَبِي سِنَانٍ, أَحْسَبُهُ فِي مَرَضِهِ, قِيلَ لَهُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: بِخَيْرٍ إِنْ نَجَوْتُ مِنَ النَّارِ, قِيلَ: فَمَا تَشْتَهِي؟ قَالَ: لَيْلَةً بَعِيدَةً مَا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، أُحْيِي مَا بَيْنَ طَرَفَيْهَا.
188 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَوْشَبُ بْنُ عَقِيلٍ قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ الرَّقَاشِيَّ يَقُولُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}, أَلاَ إِنَّ الأَعْمَالَ مُحْضَرَةٌ، وَالأُجُورَ مُكْمَلَةٌ، وَلِكُلِّ سَاعٍ مَا يَسْعَى، وَغَايَةُ الدُّنْيَا وَأَهْلُهَا إِلَى الْمَوْتِ, ثُمَّ بَكَى وَقَالَ: يَا مَنِ الْقَبْرُ مَسْكَنُهُ، وَبَيْنَ يَدَيِ اللهِ مَوْقِفُهُ، وَالنَّارُ غَدًا مَوْرِدُهُ، مَاذَا قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ؟ مَاذَا أَعْدَدْتَ لِمَصْرَعِكَ؟ مَاذَا أَعْدَدْتَ لِوُقُوفِكَ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّكَ؟.

الصفحة 371