كتاب المحتضرين لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

215 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْجُشَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي ذَكْوَانُ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ فِي الْمَوْتِ قَالَ: فَجِئْتُ وَعِنْدَ رَأْسِهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، فَقُلْتُ: هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكِ, قَالَتْ: دَعْنِي مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَلاَ حَاجَةَ لِي بِهِ وَلاَ تَزْكِيَتِهِ, فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: يَا أُمَّتَاهُ إِنَّ عَبْدَ اللهِ مِنْ صَالِحِ بَنِيكِ، وَيُرِيدُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْكِ, قَالَتْ: فَأْذَنْ لَهُ إِنْ شِئْتَ, قَالَ: فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَعَدَ، فَقَالَ: أَبْشِرِي، فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَكِ وَبَيْنَ أَنْ تُفَارِقِي كُلَّ نَصَبٍ وَتَلْقَيْنَ مُحَمَّدًا وَالأَحِبَّةَ أَلاَ أَنْ يُفَارِقَ رُوحُكِ جَسَدَكِ، قَالَتْ: أَيْضًا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ. قَالَ: كُنْتِ أَحَبَّ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَسُولِ اللهِ، وَلَمْ يَكُنْ يُحِبُّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلاَّ طَيِّبًا, سَقَطَتْ قِلاَدَتُكِ لَيْلَةَ الأَبْوَاءِ، فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْتَقِطُهَا، وَأَصْبَحَ النَّاسُ لَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ أَنْ تَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا، فَكَانَ ذَاكَ مِنْ سَبَبِكِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ مِنَ الرُّخَصِ, ثُمَّ أَنْزَلَ بَرَاءَتَكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، فَأَصْبَحَ لَيْسَ مَسْجِدٌ مِنْ مَسَاجِدِ اللهِ يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ إِلاَّ بَرَاءَتُكِ تُتْلَى فِيهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ, قَالَتْ: دَعْنِي مِنْكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَوَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا.
216 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ قَزَعَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى صَاحِبٍ لِي يَشْتَكِي، فَرَأَيْتُ مِنْ جَزَعِهِ وَوَجَعِهِ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: إِنَّكَ كَذَا، إِنَّكَ كَذَا، أُرَغِّبُهُ, قَالَ: وَمَا لِي لاَ أَجْزَعُ؟ وَمَنْ أَحَقُّ بِالْجَزَعِ مِنِّي؟ فَوَاللَّهِ لَوْ أَتَتْنِي الْمَغْفِرَةُ مِنَ اللهِ لَمَنَعَنِي الْحَيَاءُ مِنْهُ لِمَا أَفْضَيْتُ بِهِ إِلَيْهِ.

الصفحة 378