كتاب المحتضرين لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

222 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ يَمُرُّ بِشَابٍّ فَيَعِظُهُ، فَيَقُولُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، دَعْنَا نَدُقُّ الدُّنْيَا دَقًّا فَمَرِضَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْحَسَنُ يَعُودُهُ، فَلَمَّا رَآهُ الشَّابُّ بَكَى وَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، أَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي فَقَالَ: أَنْتَ الْقَائِلُ لِلْحَسَنِ دَعْنَا نَدُقُّ الدُّنْيَا دَقًّا؟ وَاللَّهِ لأَدُقَّنَّكَ دَقَّةً لاَ تُدَقُّ الدُّنْيَا بَعْدَهَا أَبَدًا قَالَ: وَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ.
223 - حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: كَانَ لِي جَارٌ عَشَّارٌ، فَرُبَّمَا مَرَرْتُ عَلَيْهِ فَوَعَظْتُهُ, فَحَضَرَهُ الْمَوْتُ، فَأَتَيْتُهُ لأَنْظُرَ عَلَى أَيِّ حَالٍ هُوَ عِنْدَ الْمَوْتِ, فَلَمَّا رَآنِي قَالَ لِي بِيَدِهِ: اقْعُدْ؛ ثُمَّ قَالَ لِي: يَا أَبَا يَحْيَى، أَتَانِي آتٍ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ: إِنَّ رَاحِمَ الْمَسَاكِينِ غَضْبَانُ عَلَيْكَ، قَالَ: إِنَّكَ لَسْتَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْكَ, قَالَ مَالِكٌ: فَفَزِعْتُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَعْنِينِي فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ أَعَادَ الْقَوْلَ فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ، فَلَمْ أَبْلُغِ الْبَابَ حَتَّى سَمِعْتُ الصُّرَاخَ عَلَيْهِ.
224 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجَرَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ: حَضَرْنَا مَوْلًى لَنَا عِنْدَ مَوْتِهِ، فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ وَهُوَ يُحَشْرِجُ، إِذْ صَاحَ صَيْحَةً مَا بَقِيَ مِنَّا إِنْسَانٌ إِلاَّ سَقَطَ عَلَى الأَرْضِ, ثُمَّ أَفَقْنَا، فَرَفَعْنَا رُؤُوسَنَا، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ, فَذَهَبْنَا نَنْظُرُ، فَإِذَا وَجْهُهُ كَأَنَّهُ كُبَّةُ طِينٍ، قَدِ الْتَقَى جِلْدُهُ وَوَجْهُهُ وَرَأْسُهُ عَلَى عَيْنَيْهِ، ثُمَّ تَمَدَّدَ، فَمَاتَ فَسَأَلْنَا عَنْ أَمْرِهِ، فَإِذَا هُوَ صَاحِبُ بَاطِلٍ.

الصفحة 380