كتاب المحتضرين لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

232 - وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ: أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ لَمَّا حُضِرَ، حَضَرَهُ إِخْوَانُهُ، فَجَعَلَ يَتَقَلَّبُ، فَقَالُوا: كَأَنَّ لَكَ حَاجَةً, قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَتِ ابْنَتُهُ: مَا لَهُ مِنْ حَاجَةٍ, قَالَ: نَعَمْ، إِلاَّ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ تَقُومُوا عَنْهُ فَيَقُومَ فَيُصَلِّيَ، وَمَا ذَاكَ فِيهِ, فَقَامَ الْقَوْمُ عَنْهُ، وَقَامَ إِلَى مَسْجِدِهِ، فَصَلَّى، فَوَقَعَ، فَصَاحَتِ ابْنَتُهُ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَحَمَلُوهُ، وَمَاتَ.
233 - وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّهُ ذَكَرَ عُمَرَ وَأَبَا بَكْرِ ابْنَيِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ أَحَدَهُمَا الْمَوْتُ بَكَى، فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ إِنْ كُنَّا لَنَغْبِطُكَ بِهَذَا الْيَوْمِ، قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا أَبْكِي أَنْ أَكُونَ رَكِبْتُ شَيْئًا مِنْ مَعَاصِي اللهِ اجْتِرَاءً عَلَى اللهِ، وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ أَكُونَ أَتَيْتُ شَيْئًا هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ. قَالَ: وَبَكَى الآخَرُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَقِيلَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ لِقَوْمٍ: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} فَأَنَا أَنْتَظِرُ مَا تَرَوْنَ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا يَبْدُو لِي.
234 - وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: أَتَى صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، كَأَنِّي أَرَاكَ قَدْ شَقَّ عَلَيْكَ الْمَوْتُ؟ فَمَا زَالَ يُهَوِّنُ عَلَيْهِ الأَمْرَ، وَيَتَجَلَّى عَنْ مُحَمَّدٍ، حَتَّى لَكَأَنَّ وَجْهَهُ الْمَصَابِيحُ, ثُمَّ قَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: لَوْ تَرَى مَا أُلاَقِيهِ لَقَرَّتْ عَيْنُكَ, ثُمَّ قَضَى.

الصفحة 383