كتاب المحتضرين لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل
253 - وَأَخْبَرَنِي أَبُو زَيْدٍ النُّمَيْرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ الْكِنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ السُّلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا انْصَرَفَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الْجَمَلِ جَعَلَ يَقُولُ:
وَلَقَدْ عَلِمْتُ لَوَ أنَّ عِلْمِيَ نَافِعِي ... أَنَّ الْحَيَاةَ مِنَ الْمَمَاتِ قَرِيبُ
فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ قَتَلَهُ ابْنُ جُرْمُوزٍ.
254 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ غَالِبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمِّي, وَكَانَتْ مَوْلاَةَ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ, قَالَ: رَأَيْتُ سَعْدًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَشَرَطَ لَهُ أَنْ لاَ يُخْرِجَهَا, فَأَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، فَأَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ مَعَهُ، فَنَهَاهَا سَعْدٌ وَكَرِهَ خُرُوجَهَا، فَأَبَتْ إِلاَّ أَنْ تَخْرُجَ, فَقَالَ سَعْدٌ: اللَّهُمَّ لاَ تُبَلِّغْهَا مَا تُرِيدُ, فَأَدْرَكَهَا الْمَوْتُ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَتْ:
تَذَكَّرْتُ مَنْ يَبْكِي عَلَيَّ فَلَمْ أَجِدْ ... مِنَ النَّاسِ إِلاَّ أَعْبُدِي وَوَلاَئِدِي
فَوَجَدَ سَعْدٌ فِي نَفْسِهِ.
255 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ عُهْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْفَرَّاءُ قَالَ: حَضَرَتْ رَجُلاً الْوَفَاةُ فِي فَلاَةٍ مِنَ الأَرْضِ، وَحَضَرَهُ نَاسٌ مِنَ الأَعْرَابِ، فَلَمَّا أَحَسَّ بِالْمَوْتِ جَعَلَ يَقُولُ لَهُمْ: وَجِّهُونِي وَجِّهُونِي. فَجَعَلُوا لاَ يَدْرُونَ مَا يُرِيدُ. فَلَمَّا خَافَ أَنْ يَعْجَلَهُ الْمَوْتُ عَنِ التَّوْجِيهِ قَالَ: يَا هَؤُلاَءِ وَجِّهُونِي. قَالُوا: إِلَى أَيْنَ نُوَجِّهُكَ؟ فَبَكَى ثُمَّ قَالَ:
إِلَى الْبَيْتِ الَّذِي مِنْ كُلِّ فَجٍّ ... إِلَيْهِ وُجُوهُ أَصْحَابِ الْقُبُورِ
قَالَ: فَبَكَى, وَاللَّهِ, الْقَوْمُ جَمِيعًا، ثُمَّ وَجَّهُوهُ إِلَى الْقِبْلَةِ، فَمَاتَ.
الصفحة 388