كتاب المحتضرين لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل
269 - وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُعَاذٍ الْبَصْرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْكِنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَرَّرِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُوَ يَمُوتُ، فَبَكَى ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا يُبْكِينِي إِلاَّ نُسَيَّاتٍ خَلْفَ هَذَا السِّتْرِ، لَوْلاَهُنَّ لَهَانَ عَلَيَّ الْمَوْتُ. إِنِّي لَمُؤْمِنٌ بِاللَّهِ، وَإِنِّي لَتَائِبٌ إِلَى اللهِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ, قَالَ: قُلْتُ: أَيْ أَخِي، الَّذِي رَجَوْتَهُ لِمَغْفِرَةِ ذَنْبِكَ فَارْجُهُ لِخَيْرِ بَنَاتِكَ، فَمَغْفِرَةُ الذَّنْبِ أَعْظَمُ مِنَ الرِّزْقِ, فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا, صَدَقْتَ.
270 - حُدِّثْتُ عَنْ سُلَيْمَانَ أَبِي أَيُّوبَ الْبَصْرِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ قَالَ: مَرِضَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي يَرْبُوعٍ، فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ قَالَ: وَبِنْتَانِ لَهُ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَقَالَ:
أَلاَ لَيْتَ شِعْرِي عَنْ بِنْتَيَّ بَعْدَمَا ... يُوَسَّدُ لِي فِي قِبْلَةِ اللَّحْدِ مَضْجَعُ
وَعَنْ وَصْلِ أَقْوَامٍ أَتَى الْمَوْتُ دُونَهُمْ ... أَيَرْعَوْنَ ذَاكَ الْوَصْلِ أَمْ تَتَقَطَّعُ
وَمَا يَحْفَظُ الأَمْوَاتَ إِلاَّ مُحَافِظٌ ... مِنَ الْقَوْمِ دَاعٍ لِلأَمَانَةِ مُقَنَّعُ
فَمَاتَ، فَوَاللَّهِ مَا عَادَ أَحَدٌ عَلَى وُلْدِهِ بِشَيْءٍ.
271 - أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ بُكَيْرٍ النَّحْوِيُّ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ طَيِّئٍ قَالَ: احْتُضِرَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي ضَبَّةَ، فَنَظَرَ إِلَى بُنَيٍّ لَهُ يَدْرُجُ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَأَقْبَلَ عَلَى أُمِّهِ فَقَالَ: يَا هَذِهِ:
إِنِّي لأَخْشَى أَنْ أَمُوتَ فَتُنْكَحِي ... وَيُقْذَفُ فِي أَيْدِي الْمَرَاضِعِ مَعْمَرُ
فَحَالَتْ سُتُورٌ دُونَهُ وَوَلِيدَةٌ ... وَيَشْغَلُهَا عَنْهُ خَلُوقٌ وَمِجْمَرُ
قَالَتْ: كَلاَّ, قَالَ: بَلَى, قَالَ: وَمَاتَ، فَمَا إِلاَّ أَنِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَتَزَوَّجَتْ شَابًّا مِنَ الْحَيِّ, فَرُئِيَ مَعْمَرٌ كَمَا وَصَفَ.
الصفحة 393