كتاب قصر الأمل لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

46 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجَرَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَزَالُ قَلْبُ الْكَبِيرِ شَابًّا فِي اثْنَتَيْنِ: فِي حُبِّ الْمَالِ، وَطُولِ الأَمَلِ قَالَ يُونُسُ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ شِهَابٍ فِي أَرْضٍ وَهُوَ يَغْرِسُ، فَكَلَّمْتُهُ فِي ذَلِكَ، فَأَخْبَرَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ.
47 - حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَزَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ،: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَّ خُطُوطًا، وَخَطَّ مِنْهَا خَطًّا نَاحِيَةً فَأَبْعَدَهُ، وَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَا مَثَلُ هَذَا؟ هَذَا مَثَلُ الْمُتَمَنِّي، وَذَلِكَ الْخَطُّ الْبَعِيدُ الأَمَلِ، بَيْنَمَا هُوَ يَتَمَنَّى، إِذْ جَاءَهُ الْمَوْتُ.
48 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ زُبَيْدٍ الإِيَامِيِّ، عَنْ مُهَاجِرٍ الْعَامِرِيِّ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ اثْنَتَانِ: اتِّبَاعُ الْهَوَى، وَطُولُ الأَمَلِ، فَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى: فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ، وَأَمَّا طُولُ الأَمَلِ: فَيُنْسِي الآخِرَةَ، أَلاَ وَإِنَّ الآخِرَةَ قَدِ ارْتَحَلَتْ مُقْبِلَةً، أَلاَ وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدِ ارْتَحَلَتْ مُدْبِرَةً، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَنُونَ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ، وَلاَ تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلاَ حِسَابَ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلاَ عَمَلٌ.
49 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَزْدِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: فِي بَعْضِ خُطَبِهِ: إِنَّ لِكُلِّ سَفَرٍ زَادًا لاَ مَحَالَةَ، فَتَزَوَّدُوا لِسَفَرِكُمْ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى الآخِرَةِ بِالتَّقْوَى، وَكُونُوا كَمَنْ عَايَنَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ مِنْ ثَوَابِهِ وَعِقَابِهِ، تَرْغَبُونَ وَتَرْهَبُونَ، وَلاَ يَطُولَنَّ عَلَيْكُمُ الأَمَلُ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ، وَتَنْقَادُوا لِعَدُوِّكُمْ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا بُسِطَ أَمَلُ مَنْ لاَ يَدْرِي لَعَلَّهُ لاَ يُصْبِحُ بَعْدَ مَسَائِهِ وَلاَ يُمْسِي بَعْدَ صَبَاحِهِ.
وَرُبَّمَا كَانَتْ بَيْنَ ذَلِكَ خَطَفَاتُ الْمَنَايَا، فَكَمْ رَأَيْتُ وَرَأَيْتُمْ مَنْ كَانَ بِالدُّنْيَا مُغْتَرًّا، وَإِنَّمَا تَقَرُّ عَيْنُ مَنْ وَثِقَ بِالنَّجَاةِ مِنْ عَذَابِ اللهِ، وَإِنَّمَا يَفْرَحُ مَنْ أَمِنَ أَهْوَالَ الْقِيَامَةِ، فَأَمَّا مَنْ لاَ يُدَاوِي كَلْمًا، إِلاَّ أَصَابَهُ جَارِحٌ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ آمُرَكُمْ بِمَا أَنْهَى عَنْهُ نَفْسِيَ فَتَخْسَرَ صَفْقَتِي، وَتَظْهَرَ عَوْلَتِي، وَتَبْدُوَ مَسْكَنَتِي فِي يَوْمٍ يَبْدُو فِيهِ الْغِنَى وَالْفَقْرُ، وَالْمَوَازِينُ فِيهِ مَنْصُوبَةٌ، لَقَدْ عُنِيتُمْ بِأَمْرٍ لَوْ عُنِيَتْ بِهِ النُّجُومُ انْكَدَرَتْ، وَلَوْ عُنِيَتْ بِهِ الْجِبَالُ لَزَالَتْ، وَلَوْ عُنِيَتْ بِهِ الأَرْضُ لَتَشَقَّقَتْ. أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ مَنْزِلَةٌ؟ وَأَنَّكُمْ صَائِرُونَ إِلَى أَحَدِهِمَا؟.

الصفحة 40