كتاب المحتضرين لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل
311 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: أُتِيَ زِيَادٌ بِرَجُلٍ فَأَمَرَ بِهِ لِيُقْتَلَ، فَلَمَّا أَحَسَّ الرَّجُلُ بِالْمَوْتِ قَالَ: ائْذَنُوا لِي أَتَوَضَّأُ وَأُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَأَمُوتُ عَلَى تَوْبَةٍ لَعَلِّي أَنْجُو مِنْ عَذَابِ اللهِ, قَالَ زِيَادٌ: مَا يَقُولُ؟ قَالُوا: يَقُولُ كَذَا وَكَذَا, قَالَ: دَعُوهُ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُصَلِّ مَا بَدَا لَهُ, قَالَ: فَتَوَضَّأَ، وَصَلَّى كَأَحْسَنِ مَا يَكُونُ, فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ أُتِيَ بِهِ لِيُقْتَلَ، فَقَالَ لَهُ زِيَادٌ: هَلِ اسْتَقْبَلْتَ التَّوْبَةَ؟ قَالَ: إِي وَالَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ, فَخَلَّى سَبِيلَهُ.
312 - حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ مِنْ وَلَدِ عِيسَى بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ إِسْحَاقَ بِنْتَ عِيسَى بْنِ جَعْفَرٍ قَالَتْ: حَضَرْتُ عِيسَى بْنَ جَعْفَرٍ وَهُوَ يَمُوتُ، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَخَرَجْنَا نَصْرُخُ، فَأَقْبَلَ صَبَّاحٌ الطَّبَرِيُّ, مَوْلاَهُ يُسَكِّنُنَا، فَأَفَاقَ فَقَالَ: دَعْهُنَّ, ثُمَّ قَالَ مُتَمَثِّلاً:
قَدْ كُنَّ يَخْبَأْنَ الْوُجُوهَ تَسَتُّرًا ... فَالْيَوْمَ حِينَ بَرَزْنَ لِلنُّظَّارِ
يَلْطُمْنَ حُرَّاتُ الْوُجُوهِ عَلَى فَتًى ... سَهْلِ الْخَلِيقَةِ طَيِّبِ الأَخْبَارِ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو بِشْرٍ الْبَجَلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا صَبَّاحٌ الطَّبَرِيُّ: أَنَّهُ حَضَرَ عِيسَى بْنَ جَعْفَرٍ تَمَثَّلَ بِهَذَا عِنْدَ الْمَوْتِ.
313 - حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَفْصٍ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْوَجِيهِ ابْنُ بِنْتِ ذِي الرُّمَّةِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَسْعُودٌ, يَعْنِي أَخَا ذِي الرُّمَّةِ قَالَ: كُنَّا بِالْبَدْوِ، فَحَضَرَتْ ذَا الرُّمَّةِ الْوَفَاةُ، فَقَالَ: احْمِلْنِي إِلَى الْمَاءِ يُصَلِّي عَلَيَّ أَهْلُ الإِسْلاَمِ، فَحَمَلْتُهُ عَلَى بَابٍ، فَأَغْفَى إِغْفَاءَةً، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَنَقَرَ الْبَابَ فَقَالَ: مَسْعُودٌ؟ قُلْتُ: لَبَّيْكَ قَالَ: هَذَا وَاللَّهِ الْحَقُّ الْمُبِينُ، لاَ حِينَ أَقُولُ: عَشِيَّةَ مَالِي حِيلَةٌ غَيْرَ أَنَّنِي ... بِلَقْطِ الْحَصَى وَالْخَطِّ فِي الدَّارِ مُولَعُ
كَأَنَّ شَبَابًا فَارِسِيًّا أَصَابَنِي ... عَلَى كَبِدِي بَلْ لَوْعَةُ الْحُبِّ أَوَجَعُ.
314 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بنُ حُسَيْنٍ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالْفِقْهِ وَالْمَشُورَةِ فِي الأُمُورِ وَالْعِبَادَةِ, وَكَانَتِ الْقُضَاةُ تَسْتَشِيرُهُ, قَالَ مَالِكٌ: وَلَقَدْ أَخْبَرَنِي مَنْ حَضَرَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَسَمِعَهُ يَقُولُ: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: أَتُرَاهُ قَالَ هَذَا لِشَيْءٍ عَايَنَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ.
الصفحة 403
591