كتاب المحتضرين لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

355 - حَدَّثَنِي، أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ، قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ هَارُونُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ جَعَلَ يَقُولُ: وَاسَوْءَتَاهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ.
356 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ بَسَّامٍ الأَزْدِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: خَرَجْنَا, وَنَحْنُ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ, إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وُفُودًا إِلَيْهِ، فَلَمَّا كُنَّا بِنَاحِيَةٍ مِنْ أَرْضِ السَّمَاوَةِ، نَزَلْنَا عَلَى مَاءٍ، فَإِذَا امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ قَدْ أَقْبَلَتْ، حَتَّى وَقَفَتْ عَلَيْنَا فَقَالَتْ: يَا هَؤُلاَءِ، احْضُرُوا رَجُلاً يَمُوتُ فَاشْهَدُوا عَلَى مَا يَقُولُ، وَمُرُوهُ بِالْوَصِيَّةِ، وَلَقِّنُوهُ, قَالَ: فَقُمْنَا مَعَهَا، فَأَتَيْنَا رَجُلاً يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَكَلَّمْنَاهُ، وَإِذَا حَوْلَهُ بَنُونَ لَهُ، وَصِبْيَةٌ صِغَارٌ لَوْ غَطَّيْتَ عَلَيْهِمْ مَكِيلاً لَغَطَّاهُمْ، كَأَنَّمَا وُلِدُوا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ, فَلَمَّا سَمِعَ كَلاَمَنَا فَتْحَ عَيْنَيْهِ، فَبَكَى ثُمَّ قَالَ:
يَا وَيْحَ صَبِيَّتِي الَّذِينَ تَرَكْتُهُمْ ... مِنْ ضَعْفِهِمْ مَا يُنْضِجُونَ كُرَاعَا
قَدْ كَانَ فِيَّ لَوْ أَنَّ دَهْرًا أَرَدَّنِي ... لِبَنِيَّ حَتَّى يَبْلُغُونَ مَتَاعَا
قَالَ: فَأَبْكَانَا جَمِيعًا، وَلَمْ نَقُمْ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى مَاتَ, فَدَفَنَّاهُ, فَقَدِمْنَا عَلَى الْوَلِيدِ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، فَبَعَثَ إِلَى عِيَالِهِ وَوَلَدِهِ، فَقَدَّمَهُمْ عَلَيْهِ، فَفَرَضَ لَهُمْ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ.
357 - حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شَدَّادِ بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي شَدَّادُ بْنُ عَطِيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ نَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ، فَقُلْنَا: كَيْفَ أَصْبَحْتَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: أَصْبَحْنَا بِنِعْمَةِ اللهِ إِخْوَانًا, قُلْنَا: كَيْفَ تَجِدُكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: أَجِدُ قَلْبِي مُطْمَئِنًّا بِالإِيمَانِ, قُلْنَا: مَا تَشْتَكِي أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: أَشْتَكِي ذُنُوبِي وَخَطَايَايَ, قَالَ: مَا تَشْتَهِي شَيْئًا؟ قَالَ: أَشْتَهِي مَغْفِرَةَ اللهِ وَرِضْوَانَهُ, قُلْنَا لَهُ: أَلاَ نَدْعُو لَكَ طَبِيبًا؟ قَالَ: الطَّبِيبُ أَمْرَضَنِي.

الصفحة 413