كتاب مداراة الناس لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

128 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ الزُّبَيْرِ الصَّنْعَانِيِّ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ طَاووسًا عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ فِيهِ كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ لَهُ: قَبَّحَ اللَّهُ النَّاسَ.
129 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَخْبَرَنِي الْهَيْثَمُ بْنُ جَمَّازٍ، قَالَ: أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ: يَا دَاوُدُ أَتَخَافُ أَحَدًا غَيْرِي؟ قَالَ: نَعَمْ يَا رَبِّ، أخَافُ مَنْ لاَ يَخَافُكَ.
130 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَوْرَةَ الْبَلْخِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ شَمَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ حُمَيْدٍ الأَكَّافَ، وَقَالَ لِي: كَيْفَ أَنْتَ؟ قُلْتُ: بِخَيْرٍ قَالَ: قَدْ تَكَلَّمَ أَهْلُ مَرْوٍ بِقُدُومِكَ. قُلْتُ: لاَ أَدْرِي قَالَ: جَاءَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ فَقَالَ: قَدِمَ إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ قَالَ لِي: مَنْ بَنَى مَدِينَةَ مَرْوٍ؟ قُلْتُ: لاَ أَدْرِي قَالَ: رَجُلٌ يَبْنِي مَدِينَةً مِثْلَ هَذِهِ لاَ تَدْرِي مَنْ بَنَاهَا؟ فَغَدًا مَنْ يَكُونُ حَفْصٌ؟ مَنْ يَكُونُ إِبْرَاهِيمُ؟ لاَ تَغْتَرَّ بِهَذَا الْقَوْلِ. ثُمَّ قَالَ: جَرَّبْتُ النَّاسَ مُذْ خَمْسِينَ سَنَةً فَمَا وَجَدْتُ أَخًا لِي سَتَرَ لِي عَوْرَةً، وَلاَ غَفَرَ لِي ذنْبًا فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَلاَ وَصَلَنِي إِذَا قَطَعْتُهُ، وَلاَ أَمِنْتُهُ إِذَا غَضِبَ، فَالاِشْتِغَالُ بِهَؤُلاَءِ حُمْقٌ كَبِيرٌ. كُلَّمَا أَصْبَحْتَ تَقُولُ: أَتَّخِذُ الْيَوْمَ صَدِيقًا، ثُمَّ تَنْظُرُ مَا يُرِضِيهِ عَنْكَ: أَيُّ هَدِيَّةٍ؟ أَيُّ تَسْلِيمٍ؟ أَيُّ دَعْوَةٍ؟ فَأَنْتَ أَبَدًا مَشْغُولٌ.
131 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى النَّسَائِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عِيسَى، قَالَ: قَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ: الأَقَاوِيلُ مَحْفُوظَةٌ وَالسَّرَائِرُ مَبْلُوَّةٌ، وَ {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} وَقَدْ أَصْبَحَ النَّاسُ مَنْقُوصِينَ مَدْخُولِينَ إِلاَّ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ، فَقَائِلُهُمْ نَاعِرٌ، وَمُسْتَمِعُهُمْ غَائِبٌ، وَمُسَائِلُهُمْ مُتَعَنِّتٌ، وَمُحْسِنُهُمْ مُتَكَلِّفٌ، يَكَادٌ أفْضَلُهُمْ رَأْيًا يَرُدُّهُ أَدْنَى الرِّضَا وَأَدْنَى السُّخْطِ، وَيَكَادُ أَصْلَبُهُمْ عُودًا تَنْكَأُهُ اللَّحْظَةُ وَتَسْتَحْلِيهِ الْكَلِمَةُ.

الصفحة 447