كتاب المرض والكفارات لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

139 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مَنْصُورٍ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُطَرِّفِ الْمُغِيرَةُ بْنُ مُطَرِّفٍ، قَالَ: وَفَدَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَعَهُ خَمْسَةٌ مِنْ بَنِيهِ وَقَدْ كَانَ الْحَجَّاجُ بَعَثَ إِلَى الْوَلِيدِ بِبَغْلَةٍ فَحَمَلَ الْوَلِيدُ عَلَيْهَا عُرْوَةَ فَضَرَبَتِ الْبَغْلَةُ أَكْبَرَ بَنِيهِ وَهُوَ مُحَمَّدٌ فَمَاتَ وَوَقَعَتْ فِي أُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِ رِجْلِ عُرْوَةَ الآكْلَةُ فَقِيلَ لَهُ اقْطَعْ إِصْبَعَ فَأَبَى فَصَارَتْ فِي الْقَدَمِ فَقِيلَ لَهُ اقْطَعِ الْقَدَمَ فَأَبَى فَصَارَتْ بِالسَّاقِ فَقِيلَ لَهُ إِنْ لَمْ تَقْطَعِ السَّاقَ وصَارَتْ إِلَى الْفَخِذِ لَمْ يُمكُنك قَطْعُ الْفَخِذِ قَالَ: اقْطَعُوهَا قَالُوا: نَسْقِيكَ مَا يُذْهِبُ عَقْلَكَ حَتَّى لاَ تَجِدَ أَلَمَ الْقَطْعِ قَالَ: لاَ, دَعُوا لِي مَا أَسْجُدُ عَلَيْهِ فَتَرَكُوا لَهُ الْعَظْمَ الَّذِي أَسْفَلَ مِنَ الرُّكْبَةِ وَنَشَرُوهَا بِمِنْشَارٍ ثُمَّ حَسَمُوهَا فَمَا تَكَلَّمَ وَلاَ تَأَوَّهَ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ تَلَقَّاهُ أَهْلُ بَيْتِهِ وَأَصْدِقَائِهِ فَجَعَلَ يَقُولُ: {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} ثُمَّ يَقُولُ: لَئِنْ كُنْتَ ابْتَلَيْتَ لَقَدْ عَافَيْتَ، وَلَئِنْ كُنْتَ أَخَذْتَ لَقَدْ أَبْقَيْتَ، أَخَذْتَ وَاحِدًا وَتَرَكْتَ أَرْبَعَةً يَعْنِي بَنِيهِ وَأَخَذْتَ وَاحِدًا وَتَرَكْتَ ثَلاَثَةً, يَعْنِي جَوَارِحَهُ.
140 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عُرْوَةَ الزُّهْرِيُّ، مِنْ وَلَدِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بِالشَّامِ عِنْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَحَمَلَهُ عَلَى بَغْلَةٍ كَانَ الْحَجَّاجُ أَهْدَاهَا إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ مُحَمَّدٌ ابْنُهُ فَضَرَبَتْهُ الْبَغْلَةُ فَمَاتَ فَأُسْقِطَ فِي يَدِ غِلْمَانَهُ وَلَمْ يُخْبِرْ أَحَدٌ بِخَبَرِهِ فَقَالُوا: مَنْ يُخْبِرُهُ فَأَتَوُا الْمَاجِشُونَ فَسَأَلُوهُ أَنْ يُخْبِرَهُ فَأَتَاهُ فَجَعَلَ يَعِظُهُ, وَيُحَدِّثُهُ فَقَالَ: مَالَكَ تَنْعِي إِلَيَّ أَحَدَ هَؤُلاَءِ بَنِيَّ، وَخَرَجَ مِنْ عِنْدِي مُحَمَّدٌ آنِفًا قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ قَبَضَ مُحَمَّدًا فَمَا رُئِيَ أَصْبَرَ مِنْهُ، وَلَمَّا قَطَعُوا رِجْلَهُ قَالُوا لَهُ: نَسْقِي شَيْئًا قال: قَالُوا: فَتمَسَّكَ قَالَ: لاَ, وَبَسَطَهَا عَلَى مِرْفَقِهِ حَتَّى نُشِرَتْ وَحُسِمَتْ فَمَا تَكَلَّمَ وَلاَ تَأَوَّهُ.
141 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عُرْوَةَ، قَالَ: نَشَرُوا رِجْلَه, فَلَمَّا صَارُوا إِلَى الْقَصَبَةِ وَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى الْوِسَادَةِ سَاعَةً ثُمَّ أَفَاقَ وَالْعَرَقُ يَنْحَدِرُ عَلَى وَجْهِهِ وَهُوَ يَقُولُ لَئِنْ كُنْتَ ابْتَلَيْتَ لَقَدْ عَافَيْتَ، وَلَئِنْ كُنْتَ أَخَذْتَ لَقَدْ أَبْقَيْتَ.

الصفحة 503