كتاب المرض والكفارات لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

146 - قَالَ الزُّبَيْرُ: وحَدَّثَنِي عَمَّى مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: وَكَانَ مُحَمَّدٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا وَكَانَ عُرْوَةُ يُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا فَلَمَّا قَتَلَتْهُ الدَّوَابُّ كَرِهَ أَصْحَابُهُ وَغِلْمَانُهُ أَنْ يُخْبِرُوهُ خَبَرَهُ فَذَهَبُوا إِلَى الْمَاجِشُونِ فَأَخْبَرُوهُ فَجَاءَ مِنْ لَيْلَتِهِ فَاسْتَأْذَنَ عَلَى عُرْوَةَ فَوَجَدَهُ يُصَلِّي فَأَذِنَ لَهُ فِي مُصَلاَهُ فَقَالَ لَهُ: هَذِهِ السَّاعَةَ قَالَ: نَعَمْ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ طَالَ عَلَيَّ المثوى وَذِكْرُ الْمَوْتِ وَزَهِدْتُ فِي كَثِيرٍ مِمَّا كُنْتُ أَطْلُبُ وَخَطَرَ بِبَالِي ذِكْرُ مَنْ مَضَى مِنَ الْقُرُونِ قَبْلِي فَجَعَلَ الْمَاجِشُونُ يَذْكُرُ مَنْ مَضَى وَيُزَهِّدُهُ فِي الدُّنْيَا حَتَّى أَوْجَسَ عُرْوَةُ فَقَالَ: قل مَا تُرِيدُ فإنما قَامَ مُحَمَّدٌ مِنْ عِنْدِي آنِفًا فَمَضَى فِي قِصَّتِهِ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا فَفَطِنَ عُرْوَةُ فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ وَاحْتَسَبَ مُحَمَّدًا عِنْدَ اللهِ فَعَزَّاهُ الْمَاجِشُونُ عَلَيْهِ وَأَخْبَرَهُ بِمَوْتِهِ.
147 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي الشَّيْخِ، حَدَّثَنِي مُصْعَبٌ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عُرْوَةُ مِنْ عِنْدِ الْوَلِيدِ قَالَ: لاَ أَدْخُلُ الْمَدِينَةَ إِنَّمَا أَنَا بِهَا بَيْنَ شَامِتٍ بِنَكْبَةٍ، أَوْ حَاسِدٍ بِنِعْمَةٍ، فَمَضَى إِلَى قَصْرِهِ بِالْعَقِيقِ فَأَقَامَ هُنَاكَ، وَصَحِبَهُ قَوْمٌ فِيهِمْ عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ فَلَمَّا دَخَلَ قَصْرَهُ, قَالَ لَهُ عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ: لاَ, إِنَّا لِشَأْنَيْكَ أَرِنَا هَذِهِ الْمُصِيبَةَ الَّتِي نُعَزِّيكَ عَنْهَا، فَكَشَفَ لَهُ عَنْ رُكْبَتِهِ فَقَالَ لَهُ عِيسَى: إِنَّا وَاللَّهِ مَا كُنَّا نَعُدُّكَ لِلصِّرَاعِ قَدْ أَبْقَى اللَّهُ أَكْثرَ عَقْلِكَ وَلِسَانَكَ وَسَمْعَكَ وَبَصَرَكَ وَيَدَيْكَ وَإِحْدَى رِجْلَيْكَ فَقَالَ لَهُ: يَا عِيسَى مَا عَزَّانِي أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا عَزَّيْتَنِي.

الصفحة 505