كتاب قصر الأمل لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

82 - حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ النُّمَيْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ، وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: عَنْ عُتْبَةَ بْنِ هَارُونَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ أَبِي عَمْرَةَ:
يَا أَيُّهَذَا الَّذِي قَدْ غَرَّهُ الأَمَلُ ... وَدُونَ مَا يَأْمُلُ التَّنْغِيصُ وَالأَجَلُ
أَلاَ تَرَى إِنَّمَا الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ... كَمَنْزِلِ الرَّكْبِ دَارًا ثَمَّةَ ارْتَحَلُوا
حُتُوفُهَا رَصَدٌ وَعَيْشُهَا نَكَدٌ ... وَصَفْوُهَا رَنَقٌ وَمُلْكُهَا دُوَلُ
تَظَلُّ تُفْزِعُ فِي الرَّوْعَاتِ سَاكِنَهَا ... فَمَا يَسُوغُ لَهُ لِينٌ وَلاَ جَذَلٌ
كَأَنَّهُ لِلْمَنَايَا وَالرَّدَى عَرَضٌ ... تَظَلُّ فِيهِ بَنَاتُ الدَّهْرِ تَنْتَضِلُ
الْمَرْءُ يَشْقَى بِمَا يَسْعَى لِوَارِثِهِ ... وَالْقَبْرُ وَارِثُ مَا يَسْعَى لَهُ الرَّجُلُ.
83 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَرْزُوقٍ، يَتَمَثَّلُ كَثِيرًا هَذَا الْبَيْتَ:
وَمُؤَمِّلٍ وَالْمَوْتُ دُونَ رَجَائِهِ ... وَمُحَاذِرٍ أَكْفَانُهُ لَمْ تُغْزَلِ.
84 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ سُفْيَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ ثَعْلَبَةَ الْحَنَفِيَّ، يَقُولُ: تَضْحَكُ وَلَعَلَّ أَكْفَانَكَ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ عِنْدَ الْقَصَّارِ.
85 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ عَاصِمٍ الْكَلْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ زُبَيْدٍ الإِيَامِيُّ، قَالَ: الْتَقَى رَجُلاَنِ مِنَ الْحُكَمَاءِ، فَتَذَاكَرا الْمَوْتَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: مَا أَكْدَرَ عَيْشَ مَنْ قَصُرَ أَمَلُهُ، فَقَالَ الآخَرُ: لاَ أَقُولُ مَا قُلْتَ، قَالَ: فَمَاذَا تَقُولُ؟، قَالَ: أَقُولُ: مَا أَصْفَى عَيْشَ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ، قَالَ: أَيْ أَخِي , وَكَيْفَ ذَلِكَ؟، قَالَ: قَدِ اسْتَرَاحَ فِي عَاجِلِ الأَمْرِ، إِلاَّ مِمَّا يَقُومُ بِهِ رَمَقُ النَّفْسِ.
86 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الأَسَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالُوا لِعَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ: مَا أَنْفَعُ أَيَّامِ الْمُؤْمِنِ لَهُ؟ قَالَ: يَوْمَ يَلْقَى رَبَّهُ فَيُعْلِمُهُ أَنَّهُ رَاضٍ، قَالُوا: إِنَّمَا أَرَدْنَا مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا، قَالَ: إِنَّ مِنْ أَنْفَعِ أَيَّامِهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا مَا ظَنَّ أَنَّهُ لاَ يُدْرِكُ آخِرَهُ.

الصفحة 52