كتاب المطر والرعد والبرق والريح لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

87 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ حَدَّثَهُ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ: كُنْتُ فِي الصَّيْدِ، فَأَصَابَنَا مَطَرٌ، فَمِلْتُ إِلَى أَخْبِيَةِ أَعْرَابٍ فَقُلْتُ: هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ مِظَلٍّ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَأَنْزَلُوهُ مِظَلَّةً لَهُمْ، فَمَكَثْتُ يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ، وَلَمْ يَسْكُنِ الْمَطَرُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ، قُلْتُ: لَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ السَّمَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا، فَقَامَ أَبُو الْمَنْزِلِ إِلَى كِسَائَيْنِ بَيْنَ أَرْبَعِ خَشَبَاتٍ، فَلَمَسُهُ بِيَدِهِ فَقَالَ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ خَيْرًا, ثُمَّ مَكَثْتُ يَوْمِي وَلَيْلَتِي، وَالْمَطَرَ لاَ يَنْقَطِعُ فَأَصْبَحْتُ، فَقُلْتُ مِثْلَ مَا قُلْتُ، وَقَامَ إِلَى الْكِسَاءِ، فَصَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعَ، وَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ، ثُمَّ قُلْتُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَامَ فَمَسَّ يَدَهُ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ، قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اللَّيْلَةَ خَيْرًا، فَقُلْتَ: قَدْ سَمِعْتُ مَقَالَتَكَ أَوَّلَ مِنْ أَمْسٍ وَالْيَوْمَ، فَمَا سَبَبُ ذَلِكَ؟ قَالَ: فَأَتَى بِكَفٍّ مِنَ الْبُذُورِ أَخَذَهَا مِنْ فَوْقِ الْكِسَاءِ وَقَالَ: إِنَّ حَبَّ الْبَقْلِ وَالْعُشْبِ وَالْكَلأ إِنَّمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ فَيُنْبِتُهُ اللَّهُ الْقَدِيرُ كَيْفَ شَاءَ.
88 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ الْحَسَّانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مَنَ يَذْكُرُ، عَنْ مُسْتَلِمِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: كُنَّا بِطَرِيقِ مَكَّةَ فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ، فَرَأَيْتُ بُذُورًا عَلَى خَيْمَةٍ.
89 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو طُفَيْلَةَ الْحِرْمَازِيُّ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا مِنْ أَوْلاَدِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَرَأَيْتُ بَقْلَةً فَحَفَرْتُ عَنْ أَصْلِهَا، فَإِذَا فِي الْوِعَاءِ الَّذِي تَنْبُتُ فِيهِ ثَلاَثُ حَبَّاتٍ، نَبَتَتْ وَاحِدَةٌ، وَاثِنْتَانِ صُلْبَتَانِ جُدًّا، فَجَلَسْتُ أَتَعَجَّبُ مِنْهُ، فَقَالَ أَبِي: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَعْجَبُ؟ قُلْتُ: مِنْ ثَلاَثِ حَبَّاتٍ تَنْبُتُ حَبَّةٌ، وَثِنْتَانِ صُلْبَتَانِ مَعَهَا فِي وِعَاءٍ، قَالَ: يَا بُنَيَّ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ هَذِهِ الثَّلاَثَ حَبَّاتٍ لِثَلاَثِ سِنِينَ، تَنْبُتُ كُلَّ سَنَةٍ حَبَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ نَبَتْنَ جَمِيعًا ثُمَّ أَجْدَبَتِ الأَرْضُ، ذَهَبَ حَبُّ النَّبَاتِ كُلُّهُ.

الصفحة 565