كتاب قصر الأمل لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

153 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَحْيَى الأُمَوِيُّ أَبُو نُبَاتَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجِ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ، فَقُلْنَا: يَا أَبَا حَازِمٍ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: أَجِدُنِي بِخَيْرٍ، أَجِدُنِي رَاجِيًا اللَّهَ، حَسَنَ الظَّنِّ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا يَسْتَوِي مَنْ غَدَا وَرَاحَ يَعْمُرُ عَقْدَ الآخِرَةِ لِنَفْسِهِ فَيُقَدِّمَهَا أَمَامَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ الْمَوْتُ حَتَّى يَقْدَمَ عَلَيْهَا فَيَقُومَ لَهَا وَتَقُومَ لَهُ، وَمَنْ غَدَا وَرَاحَ فِي عَقْدِ الدُّنْيَا يَعْمُرُهَا لِغَيْرِهِ وَيَرْجِعُ إِلَى الآخِرَةِ لاَ حَظَّ لَهُ فِيهَا وَلاَ نَصِيبَ.
154 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ صَالِحَ بْنَ بَشِيرٍ، يَتَمَثَّلُ هَذَا الْبَيْتَ فِي قَصَصِهِ:
وَغَائِبُ الْمَوْتِ لاَ تَرْجُونَ رَجْعَتَهُ ... إِذَا ذَوُو سَفَرٍ مِنْ غِيبَةٍ رَجَعُوا.
قَالَ: ثُمَّ يَبْكِي، وَيَقُولُ: هُوَ وَاللَّهِ السَّفَرُ الْبَعِيدُ، فَتَزَوَّدُوا لِمَرَاحِلِهِ، فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى , وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ فِي مِثْلِ أُمْنِيَّتِهِمْ، فَبَادِرُوا الْمَوْتَ، فَاعْمَلُوا لَهُ قَبْلَ حُلُولِهِ قَالَ: ثُمَّ بَكَى.
155 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ حَسَّانَ بْنَ أَبِي سِنَانٍ، يَقُولُ لِرَجُلٍ مِنْ إِخْوَانِهِ: بَادِرِ انْقِطَاعَ عَمَلِكَ، فَإِنَّ الْمَوْتَ إِذَا جَاءَ انْقَطَعَ الْبُرْهَانُ.
156 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جندل بن والق التَّغْلِبِيُّ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا أبو الْمَلِيحُ الرَّقِّي، عَنْ فُرَاتِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ: أُصْبِحُ عَلَى وَجَلٍ وَأُمْسِي عَلَى وَجَلٍ.
157 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحٌ الْمُرِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنَ الأَزْدِ بَعَثَهُ عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَخْطُبُ، وَيَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: وَاللَّهِ مَا هِيَ إِلاَّ الآخِرَةُ، أَلاَ فَاعْمَلُوا الْخَيْرَ مَا دُعِيتُمْ إِلَيْهِ، وَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الدُّنْيَا وَالْمُهْلَةُ فِيهَا، فَعَنْ قَلِيلٍ تُنْقَلُونَ إِلَى غَيْرِهَا تُوشِكُونَ، فَاللَّهَ اللَّهَ عَلَى اللهِ فِي أَنْفُسِكُمْ، فَبَادِرُوا بِهَا الْمَوْتَ قَبْلَ حُلُولِ الْمَوْتِ، فَلاَ يَطُولُ بِكُمُ الأَمَدُ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ، وَتَكُونُوا كَقَوْمٍ دُعُوا إِلَى حظهم فَقَصَّرُوا عنه بَعْدَ المُهْلَةِ فَنَدِمُوا عَلَى ما قَصَّرُوا عِنْدَ الآخِرَةِ قَالَ: ثُمَّ نَحَبَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ.

الصفحة 68