كتاب قصر الأمل لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

181 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَمَّرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ فرات سُلَيْمَانَ، قَالَ: كَتَبَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَتَقَدَّسَ، لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ. . . {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}، خَلَقَ الدُّنْيَا لَمَّا أَرَادَ، وَجَعَلَ لَهَا مُدَّةً قَصِيرَةً، فَكَانَ مَا بَيْنَ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا سَاعَةٌ مِنَ النَّهَارِ، ثُمَّ قَضَى عَلَيْهَا وَعَلَى أَهْلِهَا الْفِنَاءَ فَقَالَ: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ، لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}.
182 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْجُشَمِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، قَالَ: قَالَ لِي فُضَيْلٌ الرَّقَاشِيُّ وَأَنَا أسائله: يَا هَذَا، لاَ يَشْغَلْكَ كَثْرَةُ النَّاسِ عَنْ نَفْسِكَ، فَإِنَّ الأَمْرَ يَخْلُصُ إِلَيْكَ دُونَهُمْ وَلاَ تَقُلْ: أَذْهَبُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا فَتَنْقَطِعَ عَلَى النَّهَارِ، فَإِنَّ الأَمْرَ مَحْفُوظٌ عَلَيْكَ، وَلَمْ تَرَ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ طَلَبًا وَلاَ أَسْرَعَ إِدْرَاكًا مِنْ حَسَنَةٍ حَدِيثَةٍ لِذَنْبٍ قَدِيمٍ.
183 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ غِفَارٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، فَكَانَ فِي كِتَابِهِ: إِنَّ الصِّدِّيقِينَ كَانُوا يَسْتَحْيُونَ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونُوا الْيَوْمَ عَلَى مَنْزِلَةِ أَمْسِ.
184 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عُمَرَ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الْحَارِثِيُّ إِلَى عَبَّادَانَ وَمَعَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَحَفْصٌ، وَأَبُو أُسَامَةَ فَوَضَعُوا الطَّعَامَ لِيَتَغَدُّوْا، فَقَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ: تَغَدَّ، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَلَيْسَ قَدْ جَاءَ: لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ؟، قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّهَا الْمُبَادَرَةُ.

الصفحة 75