كتاب قصر الأمل لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

261 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ ابْتَنَى كَنِيفًا بِحِمْصَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ، يَا عُوَيْمِرُ مَا كَانَ لَكَ كِفَايَةٌ فِيمَا بَنَتِ الرُّومُ عَنْ تَزْيِينِ الدُّنْيَا وَقَدْ أَذِنَ اللَّهُ بِخَرَابِهَا، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَانْتَقِلْ مِنْ حِمْصَ إِلَى دِمَشْقَ. قَالَ سُفْيَانُ: عَاقَبَهُ بِهَذَا.
262 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَفَ بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ وَهُمَا دَارَانِ لِفُلاَنٍ، فَقَالَ: شَوَّى أَخُوكَ حَتَّى إِذَا أَنْضَجَ رَمَّدَ.
263 - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ، قَالَ: نَظَرَ زُبَيْدٌ الْيَامِيُّ إِلَى رَجُلٍ يَبْتَنِي دَارًا لَهُ وَرِثَهَا عَنْ أَبِيهِ، فَقَالَ: إِنْ كَانَتْ كَافِيَتَكَ وَمُغْنِيَتَكَ عَنْ أَنْ تُجَدِّدَهَا وَقَدْ أَخْلَفْتَ أَبَاكَ، قَالَ: فَاسْتَحْيَا الْفَتَى، وَأَمْسَكَ عَنْ بُنْيَانِهِ.
264 - قَالَ مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنِي مُشَرِّعُ بْنُ نُبَاتَةَ الْعُكَامِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَبِي الزَّرْقَاءِ، يَذْكُرُ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْكُبَرَاءِ، أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى رَجُلٍ يَبْنِي بِنَاءً لَهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا هَذَا نَزَلْتَ حَيْثُ رَحَلَ النَّاسُ.
265 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ زِيَادٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ ذَرٍّ، يَقُولُ: وَرِثَ فَتًى مِنَ الْحَيِّ دَارًا عَنْ آبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ، فَهَدَمَهَا، ثُمَّ ابْتَنَاهَا فَشَيَّدَهَا، فَأُتِيَ فِي مَنَامِهِ فَقِيلَ لَهُ:
إِنْ كُنْتَ تَطْمَعُ فِي الْحَيَاةِ ... فَقَدْ تَرَى أَرْبَابُ دَارِكَ سَاكِنُوا الأَمْوَاتِ
أَنَّى تَحُسُّ مِنَ الأَكَارِمِ ذِكْرَهُمْ ... خَلَتِ الدِّيَارُ وَبَادَتِ الأَصْوَاتُ.
فَأَصْبَحَ - وَاللَّهِ - الْفَتَى مُتَّعِظًا، فَأَمْسَكَ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا كَانَ يَصْنَعُ، وَأَقْبَلَ عَلَى نَفْسِهِ.

الصفحة 94