كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 6)

5 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: أتَى رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فاطِمَةَ - رضي الله عنها - بِعَبْدٍ قَدْ وَهَبَهُ لَهَا وَعَلَيْهَا ثَوْبٌ إِذَا قَنَّعَتْ بِهِ رَأْسَهَا لَمْ يَبْلُغْ رِجْلَيْهَا، وَإِذَا غَطَّتْ بِهِ رِجْلَيْهَا لَمْ يَبْلُغْ رَأْسَهَا. فَلمَّا رَأَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَا تَلْقَاهُ مِنَ التَّحَفُّظِ قَالَ: "لَيْسَ عَلَيْكِ بَأْسٌ، إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلَامُكِ". أخرجه أبو داود (¬1). [صحيح]
"قال: أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاطمة - رضي الله عنها - بعبد قد وهبه لها وعليها ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها، وإن غطت به رجليها لم يبلغ رأسها" كل ذلك لضيق الثوب.
"فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما تلقاه من التحفظ" أي: من مشقة تحفظها أن لا يُرى رأسها ولا رجليها.
"قال: ليس عليك بأس، إنما هو أبوك وغلامك" استدل بالحديث على جواز (¬2) نظر العبد إلى سيدته، وهو ظاهر كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وقيّد البغوي الجواز بكون العبد عفيفاً، وقيل: لا يجوز، وتأولوا هذا الحديث بأن العبد كان صغيراً، وهو خلاف الظاهر؛ فإنه لو كان صغيراً لما تحفظت منه فاطمة - رضي الله عنها -[185 ب] ولقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه صغير، ولم يقل "غلامك" والآية في قوله تعالى: {وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} (¬3) نص في ذلك.
قوله: "أخرجه أبو داود".
السادس: حديث أم سلمة - رضي الله عنها -.
6 - وعن أم سلمة - رضي الله عنها -: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عِنْدَهَا وَفِي البَيْتِ مُخَنَّثٌ. فَقَالَ المُخَنَّثُ لِعَبْدِ الله بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ أَخِي أُمِّ سَلَمَةَ: يَا عَبْدَ الله! إِنْ فَتَحَ الله لَكُمْ غَدًا الطَّائِفَ، فَإنِّي أَدُلُّكَ عَلَى ابْنةِ
¬__________
(¬1) في "السنن" رقم (4106)، وهو حديث صحيح.
(¬2) انظر: "المغني" لابن قدامة (9/ 495)، و"المهذب" (4/ 116)، "روضة الطالبين" (7/ 23).
(¬3) سورة الأحزاب الآية: 55.

الصفحة 663