كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 6)

أخرجه الخمسة (¬1). [صحيح]
قوله: "أعتق صفية" هي بنت حيي بن أخطب اصطفاها - صلى الله عليه وسلم - من سبي خيبر، فكانت مملوكة له فأعتقها.
"وجعل عتقها صداقها" اختلف العلماء (¬2) في ذلك، فقيل: أنه - صلى الله عليه وسلم - أعتقها تبرعاً بلا عوض ولا شرط، ثم تزوجها برضاها بلا صداق، ونُسب هذا إلى المحققين من الجمهور (¬3).
قالوا (¬4): وهذا من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - أنه يجوز له النكاح بلا صداق حالاً ومالاً بخلاف غيره، وقيل: معناه شرط عليها أن يعتقها ويتزوجها فقبلت فلزمها الوفاء به، وقيل: أعتقها وتزوجها على قيمتها وكانت مملوكة له.
قالوا: ولا يجوز هذا ولا الذي قبله لغيره - صلى الله عليه وسلم -.
قلت: ظاهر قول أنس أنه جعل - صلى الله عليه وسلم - العتق نفس الصداق، وأي مانع عنه، فإنها مملوكة فهي مال له ولذا يبيعها، فجعل هذا المال لها إلى مقابل نكاحها، وبسطنا القول فيه في حواشي "ضوء النهار" (¬5).
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري رقم (5169، 5086)، ومسلم رقم (84/ 1365)، وأبو داود رقم (2054)، والنسائي رقم (3343)، وابن ماجه رقم (1957). وهو حديث صحيح.
(¬2) قال النووي في "شرح صحيح مسلم" (9/ 221 - 222): (... وأصحها وبه قال جمهور أصحابنا - أي الشافعية - ولا يصح الصداق بل يصح النكاح، ويجب لها مهر المثل.
وقال سعيد بن المسيب، والحسن، والنخغي، والزهري، والثوري، والأوزاعي، وأبو يونس، وأحمد، وإسحاق: يجوز أن يعتقها على أن تتزوج به ويكون عتقها صداقها، ويلزمها ذلك ويصح الصداق على ظاهر لفظ هذا الحديث). اهـ.
(¬3) انظر "فتح الباري" (9/ 229)، "عيون المجالس" (3/ 1054 رقم 748)، "بدائع الصنائع" (2/ 242).
(¬4) انظر: "فتح الباري" (9/ 129).
(¬5) (4/ 169 - 170 - مع الضوء) بتحقيقي.

الصفحة 691