كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 6)

أدنى ما يكون لربه وأخضع له وذلك أشرف حالات العبد، فلهذا كان أقرب ما يكون من ربه في هذه الحالة.
وبأن السجود هو سرُّ العبودية؛ فإن العبودية [528/ أ] هي الذل والخضوع، وأذل ما يكون وأخضع إذا كان ساجداً.
قلت: أما الآية في اقرأ، وحديث: "أعني على نفسك بكثرة السجود" فيحتمل أن المراد بهما الصلاة.
قال (¬1): وقالت طائفة: طول القيام بالليل وأفضل، وكثرة الركوع والسجود بالنهار أفضل.
واحتجت هذه الطائفة بأن صلاة الليل قد خصت بالقيام، لقوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ} (¬2)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً" (¬3) ولهذا يقال: قيام الليل، ولا يقال: قيام النهار.
قالوا: وهذا كان هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه: "ما زاد في الليل على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة" (¬4) وكان يصلي (¬5) في الليل بالبقرة وآل عمران والنساء، وأما بالنهار فلم يحفظ عنه شيء من ذلك، بل كان يخفف السنن.
¬__________
(¬1) ابن القيم في "زاد المعاد" (1/ 229).
(¬2) سورة المزمل الآية (2).
(¬3) أخرجه البخاري رقم (370، 2009)، ومسلم رقم (173/ 759)، وأبو داود (1371)، والنسائي رقم (2198)، وابن ماجه رقم (1326)، والترمذي رقم (808)، وهو حديث صحيح.
(¬4) تقدم وهو حديث صحيح.
(¬5) أخرجه أحمد (5/ 384، 397)، ومسلم رقم (772)، وهو حديث صحيح.

الصفحة 9