كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 6)

ولا يُنْكِرُونَ مُنكَرًا، فيتَمثَّلُ لهُمُ الشَّيطانُ فيقولُ: ألا تستحيُونَ؟ فيقولونَ: فما تأْمُرُنا؟ فيأمُرُهُمْ بِعبادَةِ الأَوْثْانِ، وهُمْ في ذلك دارٌّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيْشُهُمْ، ثمَّ يُنفَخُ في الصُّورِ، فلا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إلَّا أصْغَى لِيتًا ورَفَعَ لِيتًا". وقال: "وأوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلوطُ حَوْضَ إبلهِ، فيَصْعَقُ ويَصْعَقُ النَّاسُ، ثمّ يُرسِلُ الله مَطَرًا كأنَّهُ الطَّلُّ فينبُتُ منهُ أَجْسادُ النَّاسِ، ثمَّ يُنفَخُ فيهِ أُخرَى {فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}، ثمَّ يُقالُ: يا أيُّها النَّاسُ! هَلُمَّ إلى ربكُمْ: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ}، ثمَّ يُقالُ: أَخرِجُوا بَعْثَ النَّارِ، فيُقالُ: مِنْ كَمْ؟ فيُقالُ: مِنْ كُلِّ ألفٍ تِسْعَ مِئَةٍ وتسعَةً وتِسعينَ، قال: فذاكَ يومَ {يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا}، وذلكَ {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} ".
"عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يخرج الدجالُ فيمكث" في الأرض "أربعين، لا أدري أربعين يومًا، أو شهرًا، أو عامًا": هذا من كلام الراوي؛ أي: لا أدري أيًا أراد به النبي عليه الصلاة والسلام من هذه الثلاثة.
"فيبعث الله عز وجل عيسى ابن مريم، كأنه عروة بن مسعود، فيطلبه فيهلكه، ثم يمكث الناسُ سبعَ سنين، ليس بين اثنين عداوة، ثم يرسل الله تعالى ريحًا باردة من قبل الشام، فلا يبقى على وجه الأرض أحدٌ في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته، حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل"؛ أي: في جوفه ووسطه، وكبد كل شيء: وسطه.
"لدخلته عليه حتى تقبضه، قال: فيبقى شرارُ الناس في خِفَّةِ الطير": بكسر الخاء المعجمة وتشديد الفاء؛ أي: اضطرابها وتنفرها بأدنى توهم.
"وأحلام السباع": جمع الحلم: العقل؛ أي: هم في قلة المعرفة واستيلاء الجهل عليهم في أحلام السباع.
"لا يعرفون معروفًا، ولا ينكرون منكرًا": شبَّه حال الأشرار وعدم ثباتهم وميلهم إلى الفسق والفجور بحال الطير والسباع.

الصفحة 16