كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 6)

4286 - وقال: "يُحْشَرُ النَّاسُ على ثلاثِ طرائِقَ: راغِبينَ راهِبينَ، واثنانِ على بعيرٍ، وثلاثة على بَعيرٍ، وأَرْبَعة على بَعيرٍ، وعَشَرة على بَعيرٍ، وتَحْشُرُ بقيتَهُمُ النَّارُ، تَقيلُ مَعَهُمْ حيثُ قالُوا، وتَبيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ باتُوا، وتُصْبحُ مَعَهُمْ حيثُ أَصْبَحُوا، وتُمْسِي مَعَهُمْ حيثُ أَمْسَوْا".
"وقال: يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثِ طرائقَ"؛ أي: ثلاث فرق.
"راغبين"؛ أي: الأول: قوم يرغبون، ويحرصون باختيارهم إلى أرض المحشر، وهم الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وهم أصحاب اليمين.
"راهبين"؛ أي: الثاني: قوم يرهبون؛ أي: يخافون، يريد به: عوام المؤمنين الذين يترددون بين الخوف والرجاء؛ فتارة يرجون رحمة الله لإيمانهم، وتارة يخافون عذابه لما اجترحوا من السيئات، وهم أصحاب الميمنة.
"واثنان على بعير": الواو للحال.
"وثلاثة على بعير، وأربعة على بعير، وعشرة على بعير": يريد: أنهم يتناوبون، يعتقبون البعير الواحد، والأولى أن يُحمَل ذلك على الاجتماع؛ لأن في الاعتقاب لا يكون الاثنان ولا الثلاثة على بعير، وهذا تفصيل لمراتبهم ومنازلهم في السبق وعلو الدرجة على سبيل الكناية والتمثيل، وأن تفاوتهم في المراكب بحسب تفاوت نفوسهم واختلاف أقدامهم في العلم والعمل، فمن كان أعلى مرتبة كان أقل شركة وأشد سرعة وأكثر سباقاً، وإنما لم يذكر منهم من يتفرد على بعير؛ لأن ذلك مخصوص بالأنبياء إكرامًا لهم، فالمراد بالناس: غير الخواص.
"وتحشر بقيتهم النار"؛ أي: الثالث: قوم تسوقهم النار، وهم أصحاب المشأمة.

الصفحة 26