كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 6)
يُحَاسَبُ يَوْمَ القِيامَةِ إلَّا هَلَكَ"، قلتُ: أَوَ ليسَ يقولُ الله: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} نقالَ: "إنَّما ذلكَ العَرْضُ، ولكنْ مَنْ نُوقشَ في الحِسابِ يَهلِكُ".
"عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ليس أحدٌ يحاسب يوم القيامة إلا هلك"؛ أي: على تقدير المناقشة؛ أي: الاستقصاء في الحساب.
"قلت: أوليس يقول الله: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} [الانشقاق: 8]؟! قال: إنما ذلك"؛ أي: الحسابُ اليسيرُ "العرضُ"؛ أي: في عرض عمله، لا في الحساب على ما ينبغي.
"ولكن من نُويشَ في الحسابِ يهلك": يقال: ناقشه في الحساب؛ أي: عاسره فيه، فلا يترك قليلاً ولا كثيرًا.
* * *
4302 - وقالَ - صلى الله عليه وسلم -: "ما مِنكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلَّا سيُكلمُهُ ربُّه، ليسَ بينَهُ وبينَهُ تَرجُمان ولا حِجاب يَحجُبُهُ، فيَنظُر أيمنَ منهُ فلا يَرى إلَّا ما قدَّمَ منْ عَمَلِهِ، وينظُرُ أشْأَمَ منهُ فلا يرَى إلَّا ما قَدَّمَ منْ عَمَلِهِ، ويَنْظُرُ بينَ يدَيْهِ فلا يَرَى إلَّا النَّارَ تِلْقاءَ وَجْهِهِ، فاتَّقُوا النَّارَ ولَوْ بشِقِّ تَمْرَة".
"وقال: ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربُّه يوم القيامة، ليس بينه وبينه"؛ أي: ليس بين ربه تعالى وبين العبد.
"تُرجمان" بضم التاء والجيم وبفتح التاء أيضًا؛ يعني: مفسِّر.
"ولا حجابٌ يحجبه"؛ أي: تحجب ذلك الحجاب العبد من ربه.
"فينظر"؛ أي: العبد.
"أيمنَ منه"؛ أي: يمينًا حيرة ودهشة من ذلك الموقف.
"فلا يرى إلا ما قدَّم من عمله": الذي عمله في الدنيا.
الصفحة 39
774