كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 6)

اليَوْمَ عليكَ شَهيداً، وبالكِرامِ الكاتِبينَ شُهوداً"، قال: "فيُختَمُ على فيهِ، فيُقالُ لأَرْكانِهِ: انْطِقي"، قالَ؛ "فتَنْطِقُ بأَعْمالِهِ، ثُمَّ يُخَلَّى بينهُ وبينَ الكلامِ"، قال: "فيقولُ: بُعْداً لَكُنَّ وسُحْقاً، فَعَنْكُنَّ كنتُ أُناضلُ ".
"عن أنس - رضي الله عنه - قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فضحك، فقال: هل تدرون مم أضحك؟ قال: قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: من مخاطبة العبد ربه، يقول: يا رب! ألم تُجرْني من الظلم؟ "؛ أي: ألم تؤمِّني من أن تظلم علي؟
(قال: يقول)؛ أي: الله تعالى في جوابه العبد.
"بلى" قد أجرتك من الظلم.
"قال: فيقول"؛ أي: العبد.
"فإني لا أجيز" بالزاي المعجمة من الإجازة.
"على نفسي إلا شاهدًا مني، قال: فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا": نصب على الحال، و (عليك) متعلق به، خبر بمعنى الأمر؛ أي: اكتفى نفسُكَ في حال كونك شهيدا عليك.
"وبالكرام الكاتبين شهوداً، قال: فيُختَم على فيه"؛ أي: على فيه.
"فيقال لأركانه"؛ أي: لجوارحه.
"انطقي، فتنطق بأعماله": فتقول اليد: بي أخذت مال فلان وبطشت بفلان، والرجل: بي ذهبت إلى المعصية الفلانية، قال الله تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يس: 65].
"ثم يخلَّى"؛ أي: العبد المختوم.
"بينه وبين الكلام"؛ أي: يرفع الختم عن فيه، فيقدر على التكلم.
"قال: فيقول، لجوارحه: "بعدًا لَكُنَّ وسحقًا": كلاهما بمعنى، منصوبان

الصفحة 43