كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 6)
عظيم الخطب من أمور المملكة، وتُشدُّ بطاقةٍ من طاقات ريش الحمامة؛ لتذهب بها إلى الحاكم ببلدة من تلك البلاد؛ ليعلم ذلك الأمر، ويسعى في تدبيره.
"فيها: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، فيقول"؛ أي: الله تعالى.
"احضر وزنك"؛ أي: الوزنَ الذي لك، أو وزنَ عملك.
"فيقول: يا رب! ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقول: إنك لا تظلم، قال: فتوضع السجلات في كِفَّة": بكسر الكاف وفتحها؛ أي: كفة الميزان.
"والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات"؛ أي: خفت، والطيش: خفة العقل.
"وثقلت البطاقة، فلا يثقلُ مع اسم الله تعالى شيءٌ"؛ أي: لا يقاومه شيء من المعاصي، بل يترجَّح ذكر الله على سائر المعاصي.
فإن قيل: الأعمال أعراض لا يمكن وزنها إنما توزن الأجسام.
قلنا: إنما يوزن السجلُ الذي كُتِبَ فيه الأعمال.
أو أنه تعالى يخلق في كفة ميزان السعداء ثقلاً، وفي كفة ميزان الأشقياء خفة، وهي علامة السعادة والشقاوة.
والجوابان على قول من يجري الوزن والميزان على الظاهر، وهو مذهب أهل السنة، وأما من يحمله على المعنى؛ فيقول: إن الوزن في الأجسام علامةٌ يُعرَف بها الربح والخسران، وفي الأعم الذي الآخرة علامة تظهر بها السعادة والشقاوة، نحو بياض الوجوه وسوادها عند المعتزلة والفلاسفة.
* * *
4311 - عن عائِشَةَ رضي الله عنها: أنَّها ذَكَرَت النَّارَ فَبَكَتْ، فقالَ
الصفحة 49
774