كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 6)
"وقال: إني فرطكم"؛ أي: متقدمكم وسابقكم.
"على الحوض، من مرَّ عليَّ شرب، ومن شرب لم يظمأ أبدًا، ليردنَّ علي أقوام أعرفهم ويعرفونني، ثم يحال بيني وبينهم، فأقول: إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً"؛ أي: بعداً "لمن غيَّر بعدي".
* * *
4316 - عن أنس: أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُحْبَسُ المُؤْمِنونَ يَوْمَ القِيامةِ حتى يهِمُّوا بذلكَ، فيقولونَ: لَوِ استشْفعْنا إلى رَبنا فيُريحُنا منْ مَكانِنا، فيأتونَ آدمَ فيقولونَ: أنتَ آدمُ، أبو النَّاسِ، خَلقَكَ الله بيدِه، وأَسْكَنَكَ جنتهُ، وأَسْجَدَ لكَ ملائكَتَهُ، وعلَّمَكَ أسماءَ كُل شيءٍ، اشفَعْ لنا عِنْدَ ربكَ حتَّى يُريحَنا منْ مكانِنا هذا، فيقولُ: لَسْتُ هُناكُمْ، ويَذْكرُ خَطِيئتَهُ التي أَصابَ، أكلَهُ مِنَ الشَّجَرَةِ وقدْ نُهيَ عنها, ولكنِ ائتوا نُوحاً أوَّلَ نبيٍّ بَعَثَهُ الله إلى أَهْلِ الأَرْضِ، فيأتونَ نُوْحاً فيقولُ: لَسْتُ هُناكمْ، ويَذْكرُ خَطِيئتَهُ التي أَصابَ، سُؤالَه ربَّهُ بغيرِ عِلْم، ولكنِ ائتوا إبراهيمَ خليلَ الرَّحمَن". قال: "فيأتونَ إبراهيمَ فيقولُ: إنِّي لَسْتُ هُناكُمْ، ويَذْكرُ ثلاثَ كِذْباتٍ كَذَبَهُنَّ، ولكنِ ائتوا مُوْسَى عَبْداً آتاهُ الله التَّوراةَ وكلَّمَهُ وقَرَّبَهُ نَجيًّا، قال: فيَأتونَ مُوْسَى فيقولُ: إنِّي لَسْتُ هُناكُمْ، ويَذْكرُ خَطِيئتَهُ التي أَصابَ، قَتْلَهُ النَّفْسَ، ولكنِ ائتوا عيسَى عبدَ الله ورسولَهُ ورُوحَ الله وكلِمَتَهُ، قال: فيأتونَ عيسَى فيقول: لَسْتُ هُناكُمْ، ولكنِ ائتوا مُحَمَّداً عَبْداً غَفَرَ الله لهُ ما تَقَدَّمَ منْ ذَنْبهِ وما تأخرَ". قال: "فيَأتونَنِي، فأَسْتَأذِنُ على ربي في دارِه، فيُؤْذَنُ لي عَلَيهِ، فإذا رأيتُهُ وَقَعْتُ ساجِداً، فيدَعُني ما شاءَ الله أنْ يَدَعَني، فيقولُ: ارفَعْ مُحَمَّدُ! وقُلْ تُسْمَعْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ، وسَلْ تُعْطَهْ"، قال: "فَارْفَعُ رَأْسي، فأُثني على ربي بثناءً وتَحْمِيدٍ! يُعلِّمُنيهِ، ثمَّ أَشْفَعُ فيَحُدُّ لي حَداً فأَخْرُجُ، فأُخْرِجُهُمْ مِنَ
الصفحة 54
774