كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 6)

النَّارِ فأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ فأَسْتَأذِنُ على ربي في دارِه، فيُؤذَنُ لي عليهِ، فإذا رأيتُهُ وَقَعْتُ ساجِداً، فيدَعُني ما شاءَ الله أنْ يدَعَني، ثُمَّ يقولُ: ارفَعْ مُحَمَّدُ! وقُلْ تُسْمَعْ، واشفَعْ تُشفَّعْ، وسَلْ تُعطَهْ، قال: فَأَرْفَعُ رَأْسي فَأُثني على رَبي بثَناءٍ وتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنيه، ثمَّ أَشْفَعُ فيَحُدُّ لي حَداً فأَخْرُجُ، فأُدخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ الثَّالِثةَ، فأَسْتأذِنُ على ربي في داره، فيُؤذَنُ لي عليهِ، فإذا رأيتُهُ وَقَعْتُ ساجِدًا، فيدَعُني ما شاءَ الله أن يدَعَني، ثُمَّ يقولُ: ارفَعْ مُحَمَّدُ! وقُلْ تُسْمَعْ، واشفَعْ تُشفَّعْ، وسَلْ تُعْطَهْ، قالَ: فأَرْفَعُ رَأْسي، فأُثني على ربي بثناءٍ وتَحْميدٍ يُعلِّمُنيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ، فيَحُدُّ لي حَدًا فأَخْرُجُ، فأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، حتَّى ما يبقى في النَّارِ إلَّا مَنْ قد حَبَسَهُ القُرْآنُ"، أيْ: وَجَبَ عليهِ الخُلودُ، ثُمَّ تلا هذهِ الآية: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} وقالَ: "وهذا المَقَامُ المَحْمُودُ الذي وُعِدَهُ نبيُّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - ".
"وعن أنس - رضي الله عنه - قال: [قال]- صلى الله عليه وسلم -: يحبس المؤمنون يوم القيامة حتى يُهمُّوا": علي بناء المجهول؛ أي: يقلقوا ويحزنوا.
"بذلك": الحبس.
"فيقولون: لو استشفعنا": (لو) هذه للتمني؛ أي: لو سألنا أن يُشفَع لنا.
"إلى ربنا، فيريحَنا": بالنصب جواب للتمني؛ أي: يزيلنا.
"من مكاننا، فيأتون آدم فيقولون: أنت آدم أبو الناس، خلقك الله بيده، وأسكنك جنته، وأسجد لك ملائكته، وعلَّمك أسماء كل شيء، اشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيقول"؛ أي؟ آدم.
"لست هُنَاكم"؛ أي: لست بالمكان الذي تظنونني فيه من الشفاعة، و (هُنا) إذا ألحق به كاف الخطاب يكون للتبعيد عن المكان المشار إليه؛ يعني: أنا بعيد من مقام الشفاعة.

الصفحة 55