كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 6)
تحت عرشه، وقيل: التي دورها لأنبيائه وأوليائه، وهي الجنة؛ لقوله تعالى: {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ}، إضافةُ الدار إلى الله تعالى إضافةُ تشريف وتكريم.
والمراد من الاستئذان: طلب الأذن من الله تعالى أن يؤذن له - صلى الله عليه وسلم - في الشفاعة، فيقوم - صلى الله عليه وسلم - في مقام لا يقوم فيه سائلٌ إلا أجيب، ولا يقفُ فيه داع إلا استجيب؛ إذ الشفيع لا بد له أن يقوم أولًا مقامَ الكرامة؛ لتقعَ الشفاعة موقعها.
"فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته": بارتفاع الحجاب عني.
"وقعت ساجداً": خوفًا منه وإجلالًا له.
"فيدعني"؛ أي: يتركني في السجود.
كما شاء الله تعالى أن يدعني، فيقول"؛ أي: الله تعالى.
"ارفعْ، محمَّد! "؛ أي: ارفع رأسك في السجود يا محمَّد.
"وقيل"؛ أي: ما شئت.
"تُسمَعْ": على صيغة المجهول بالجزم جوابًا للأمر؛ أي: يسمع قولك.
"واشفعْ تشفَّعْ": بتشديد الفاء علي بناء المجهول؛ أي: تقبل شفاعتك.
"وسلْ تعطَه": الضمير لما مسألة؛ أي: تعطَ ما تَسألُ.
وإنما لم يُلهموا أولًا أن يستشفعوا محمدًا عليه الصلاة والسلام؛ ليظهر على جميع المخلوقين أن المقام خاصٌ له.
"قال: فأرفع رأسي، فأُثني على ربي بثناء وتحميد يُعلّمنيه، ثم أشفعْ، فيحدُّ لي حداً"؛ أي: يعين لي حدًا معلوما لا أتجاوز عنه مثل أن يقول: شفعتك فيمن أخل بالصلاة، وكذا تقبل الشفاعة في كل طور في طائفة من العاصين، كمن أخلَّ بالزكوات، وارتكب سائر المنهيات.
"فأخرج"؛ أي: من تلك الدار.
الصفحة 57
774